الجهل المتعمد قد يحسّن قراراتك ويحمي صحتك النفسية

النقابي الجنوبي – متابعات
في مفارقة تبدو غير بديهية، يشير عدد متزايد من الأبحاث النفسية إلى أن الجهل المتعمد — أي تجنّب معرفة بعض المعلومات طواعية — قد يكون مفيدًا للعقل، بل ويسهم في تحسين اتخاذ القرارات والحفاظ على الصحة النفسية.
وبحسب تقرير حديث نشره موقع Psychology Today، فإن اختيار بعض الأشخاص تجاهل معلومات معينة ليس سلوكًا عشوائيًا، بل استراتيجية واعية تُعرف علميًا بـ”الجهل الطوعي”، وهي تعني الابتعاد المتعمد عن حقائق متاحة عندما يشعر الشخص أن معرفتها ستؤدي إلى توتر نفسي أو شعور بالذنب أو تشويش في التفكير.
ويوضح التقرير أن بعض الناس يتجنبون متابعة تفاصيل مؤلمة أو مرهقة، كمن يرفض مشاهدة تقارير عن الأزمات البيئية أو العنف، بهدف حماية أنفسهم من القلق أو الإرهاق الذهني، خاصة في عالم غارق بالمعلومات المتضاربة والمقلقة.
ويُظهر هذا النوع من الجهل فائدة أخرى مهمة: تقليل التحيز اللاواعي. فكلما زادت كمية المعلومات المتداولة، زادت احتمالية أن يتأثر الفرد بعواطف أو مواقف مسبقة. لذا، فإن تجاهل بعض التفاصيل قد يدفع باتجاه قرارات أكثر موضوعية.
ويؤكد علماء النفس أن “الجهل المتعمد” ليس دومًا سلوكًا سلبيًا، بل قد يكون وسيلة للتأقلم في مواقف معقدة، حيث تُصبح المعلومات عبئًا وليس أداة للفهم. كما أن تجاوز ما يُعرف بـ”الفضول المفرط” أو “الثقة الزائدة بالمعلومات” قد يكون ضروريًا لتجنب الانهيار المعرفي أو التردد المرضي.
لكن بالمقابل، يُحذر الخبراء من أن هذا النوع من التجنب المعرفي يجب أن يكون واعيًا ومدروسًا، لا أن يتحول إلى إنكار دائم للواقع أو تهرّب من المسؤولية.
وبين الإفراط في المعرفة وراحة الجهل، يبدو أن الاتزان هو الخيار الأكثر صحة، حيث يُمكن للجهل المتعمد — حين يُمارَس بحكمة — أن يمنح العقل مساحة للتعافي، ويمنح النفس لحظة تنفس في عالم مزدحم بالضجيج.