مجموعة “هائل سعيد” فسادُ مثبت ..وممولً للحرب الخفي…وصاية اقتصادية فرضها “صالح”

كتب/ محمد علي الحميدي
في قلب الازمة اليمنية المتفاقمة، حيث تتشابك خيوط المؤامرات وتتداخل المصالح، تبرز أسماء تصبح رموزا لما هو أعمق وأخطر من مجرد صراع سياسي. مجموعة هائل سعيد انعم وشركاه ليست مجرد كيان اقتصادي عملاق، بل هي تجسيد حي لـ “الفساد الأكبر” المثبت، و”العدو الواضح والمكشوف للجنوب”، وهي ايضا اليد الخفية التي تغذي نيران الحرب عبر دعمها المؤكد لجماعة الحوثي.
صالح والوصاية الاقتصادية: إرث من الفساد ودمار متعمد
إن وصف مجموعة هائل سعيد بـ “الفساد الأكبر المثبت” ليس اتهاما جزافيا، بل هو حقيقة مرة تتجلى في ممارسات اقتصادية وسياسية موثقة، بدأت جذورها تتشكل في عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح. فالحقيقة المؤكدة هي أن (صالح) هو من دعم ومكن هذه المجموعة وجعلها “وصية على الاقتصاد”. لقد منحهم تراخيص لإنشاء مصانع ومنشآت في الجنوب، وسهل لهم السيطرة على قطاعات حيوية، مثل المواد الغذائية الأساسية، ومنحهم نفوذا ماليا كبيرا. هذا التمكين المتعمد لم يكن مجرد تسهيل، بل كان إرثا من الفساد ودمارا متعمدا، حيث سمح للمجموعة بفرض وصاية اقتصادية على البلد، بل وربما أثاروا الانهيارات الاقتصادية بعد رحيله، أو استمروا في تفاقمها لضمان مصالحهم الخاصة. إن هذا السلوك المثبت يشير إلى أن مصالحهم كانت تأتي قبل مصلحة الوطن والمواطن، بل وتستخدم كأداة للضغط والابتزاز المؤكد.
العدو الواضح والمكشوف للجنوب: جرح غائر في جسد الوطن
اما وصفها بـ “العدو الواضح والمكشوف للجنوب”، فيستند إلى تاريخ موثق من الممارسات التي تشير إلى استهداف ممنهج لاقتصاد الجنوب. فبعد حرب عام 1994، وبتنسيق مؤكد مع النظام السابق، تم منح هذه المجموعة تراخيص لإنشاء مصانع ومنشآت في الجنوب، بينما تم منع التجار الجنوبيين من ممارسة أنشطتهم التجارية في المهجر. هذا يشير بوضوح إلى أن دور المجموعة لم يكن مجرد دور اقتصادي، بل كان جزءا من استراتيجية سياسية مؤكدة للتحكم في الجنوب، وإخضاعه عبر أدوات اقتصادية، وربما إجباره على البقاء في ظل “الوحدة المقبورة” أو “الموت جوعا”. إنها ممارسات تشكل جرحا غائرا في جسد الوطن، وتؤكد أن هذه المجموعة لم تكن يوما في خدمة مصالح الجنوب أو وحدته.
الممول الخفي للحرب: وقود يشعل نار الصراع.. وسياسات تفضل الحوثيين
والأخطر من ذلك كله، هو التأكيد المتزايد بأن هذه المجموعة هي الممول الخفي للحرب، وأنها تغذي نيران الصراع عبر دعمها المباشر وغير المباشر لجماعة الحوثي. كيف يمكن لكيان اقتصادي يمارس مثل هذه السيطرة الاقتصادية، ويعتبر “عدوا للجنوب”، أن يكون أيضا الداعم الرئيسي لجماعة تقاتل ضد إرادته واردة شعب اليمن، وتهدد استقرار المنطقة؟ الإجابة تكمن في أن هذه المجموعة تسعى لضمان مصالحها بأي ثمن، وأن التحالف مع الحوثيين، أو تمويلهم بشكل مؤكد عبر صفقات أو تسهيلات، هو الطريق الأسهل لضمان استمرار نفوذها وبقائها، حتى في ظل انهيار الدولة وتفكك المجتمع.
وتشير الأدلة إلى أن هذا الدعم للحوثيين يتجلى بوضوح في سياسات التسعير المتناقضة: فبينما ترفض المجموعة تخفيض الأسعار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية أو تعتبر “محررة”، نجد أن المواد الغذائية تباع بأسعار أرخص بكثير في المناطق التي تقع تحت سيطرة المليشيات الحوثية. هذا التناقض ليس مجرد اختلاف في سياسات التسعير، بل هو دليل مؤكد على أن مصالح المجموعة تتماشى مع الطرف الذي يسيطر على مفاصل السلطة، وهو في هذه الحالة جماعة الحوثي. فمن خلال تقديم أسعار مخفضة في مناطق سيطرة الحوثيين، تساهم المجموعة في تخفيف الأعباء عن المليشيات، وتعزز من قدرتها على الاستمرار في الحرب، بينما تثقل كاهل المواطنين في المناطق الأخرى.
دعوة للصحوة والمواجهة: كسر حلقة الفساد
إن هذه الحقائق المثبتة والممارسات المؤكدة تشكل جرس إنذار خطيرا. إن مواجهة “الفساد المثبت” و”العدو الواضح والمكشوف للجنوب” و”الممول الخفي للحرب” تتطلب صحوة شعبية ورسمية حازمة. يجب تفعيل دور القضاء لمحاسبة كل المتورطين، ويجب على الحكومة أن تتخذ إجراءات صارمة لكسر هذه الوصاية الاقتصادية، ويجب على المجتمع المدني أن يمارس ضغطا شعبيا منظما للمطالبة بالشفافية والمساءلة. فمستقبل اليمن، ومستقبل الجنوب ، لا يجب أن يكون رهينة لمصالح قلة قليلة تتاجر بالوطن وبالحرب. إن ثمن الوطن أغلى من مصالح قلة تتاجر بدماء الأبرياء وبمستقبل الأجيال.