اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

في ذكرى اليوم المشؤوم الاسود 7/7: مضت31 عاماً على احتلال الجنوب… ولن يتكرر المشهد أبداً

د. عبدالرزاق عبدالله البكري

ها هي الذكرى الحادية والثلاثون تمرُّ علينا، محفوفة بالألم ومثقّلة بجراحات شعبٍ لم يُداوَ، ومليئة بشواهد التاريخ التي لن تُمحى من ذاكرة الجنوب وأرضه ورجاله. في مثل هذا اليوم المشؤوم، السابع من يوليو عام 1994م، اجتاحت قوات الاحتلال اليمني الجنوب الحبيب في حرب عدوانية غادرة لم تكن سوى عملية اجتياح استعماري مكتمل الأركان، لا تمتُّ للوحدة بصلة، بل كانت طعنة نجلاء في ظهر الشراكة والمصير الواحد.

لقد دخل الجنوبيون تلك الوحدة في 1990م بقلوب صافية ونوايا بيضاء، واضعين كل إمكانياتهم، من مؤسسات وجيش وخبرة وثروات، في سبيل بناء دولة حديثة عادلة لجميع أبنائها. لكن ما لبث أن انقلب نظام صنعاء على كل الاتفاقات، وخان الشراكة، وبدأ في تنفيذ مشروع الهيمنة والإقصاء والاستحواذ، حتى توّج تلك الخيانة بالحرب المدمّرة عام 1994م، التي انتهت باجتياح الجنوب واحتلاله بالقوة.

ما إن سيطرت قوات الاحتلال اليمني على الجنوب، حتى بدأ مسلسل الإقصاء والتدمير والتشريد:

فقد تم تسريح عشرات الآلاف من الكوادر العسكرية والمدنية الجنوبية، في سياسة إقصاء ممنهجة استهدفت تدمير البنية البشرية والإدارية للجنوب.

تم تدمير أكثر من 38 مصنعاً ومؤسسة إنتاجية جنوبية، كانت تمثّل أعمدة الاقتصاد الجنوبي، مثل مصنع الغزل والنسيج، مصنع التعليب في عدن، مصانع الإسمنت، ومصنع الطماطم في لحج ومصافي عدن التي كانت مفخرة الدولة والتي ما زالت مغلقة واقفة عن العمل رغم جاهزيتها الى كتابة هذه الاحرف.

تم نهب البنية التحتية وتخريبها عمدًا، ومورست سياسات ممنهجة لتجويع الجنوب وتهميشه، وتحوّلت المؤسسات الخدمية من الماء والكهرباء والتعليم والصحة إلى أطلال وأدوات للابتزاز السياسي وتركيع شعب الجنوب الذي أبا أن ينحني عن استعادة دولته.

أما ثروات الجنوب النفطية والبحرية، فقد تحوّلت إلى غنائم تُنهب لصالح قوى النفوذ في الشمال، بينما ظل أبناء الجنوب يرزحون تحت خط الفقر، محرومين من أدنى مقومات الحياة.

لقد تم تفكيك جيش الجنوب، الذي كانت ترتعد له قوى الإقليم، جيش دولة محترفة لها تاريخ طويل من التميز والانضباط، وجرى استبداله بمليشيات النهب والولاءات الضيقة، وحماة كراسي الحكم لا غير، ليحل الانفلات والفساد مكان النظام والانضباط.

وعلى مدى 33 سنة من الاحتلال والاستبداد، عاش الجنوب في نفقٍ مظلم من المعاناة والقهر، وحُرم من التنمية والعدالة، وابتُلع في منظومة فساد وفوضى، لم يُرِد لها المحتل أن تتوقف حتى بعد ثورة التحرير في 2015م. فما زالت جراثيم الاحتلال تنهش مؤسساتنا، وما زالت مخالب النهب تعبث بثرواتنا، عبر أدوات وواجهات تعمل تحت شعارات واهية.

لكننا نقولها اليوم وبكل وضوح: الجنوب اليوم ليس جنوب الأمس. الجنوب اليوم شعبٌ استعاد وعيه، وأدرك أبعاد مؤامرته، وانبعث من تحت الرماد، وبدأ ببناء مؤسساته بسواعد أبنائه، وصمد في وجه الحروب والإرهاب والفوضى والتجويع. الجنوب اليوم يسير بثقة نحو استعادة دولته، ولن يتراجع قيد أنملة عن هذا الحق المشروع بموافقة نصوص القانون الدولي ومواثيق الامم المتحدة والاعراف الدولية..

إننا نؤكد في هذه الذكرى السوداء الدامية أن 7 يوليو لن يتكرر مهما بلغت التحديات. فشعب الجنوب قد دفع ثمناً باهظاً، ولن يقبل أن يُحكم مرة أخرى من قبل أدوات الاحتلال أو مشاريع الهيمنة. لقد آن الأوان أن ينعم الجنوب بالأمن والاستقرار، وأن يقطف ثمرة نضاله الطويل، ويُبنى على أسس الحرية والكرامة والعدالة.

الخلاص قادم، والنصر آتٍ بإذن الله. الجنوب سيعود، وسينتصر، ولن يعيش بعد اليوم رهينة للفساد والاحتلال والتجويع. فدماء الشهداء، وصبر الأحرار، وإرادة الشعب، أقوى من كل المؤامرات.

وعهداً علينا، لن ننسى، ولن نغفر، ولن نعود إلى حظيرة الاحتلال.

زر الذهاب إلى الأعلى