النقابي الجنوبي: اعلان كاك بنك
مقالات الراي الجنوبي

مصلح سالم يكتب “في الذكرى الـ31 لاستشهاد القائد صالح بن حسينون: حين سقط الأبطال وارتفعت المبادئ”

 

 كتب/ مصلح عبده سالم 

في صبيحة يوم الإثنين، الموافق الرابع من يوليو عام 1994، غرب مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، سقط جسد القائد صالح أبوبكر بن حسينون، لكن روحه ارتفعت شامخة لتسكن ذاكرة الأحرار، ويكتب اسمه بأحرفٍ من دم ونار في سجل الشهداء الخالدين.

فحين كانت الأرض تختبر الرجال

لم يكن ذلك اليوم عادياً، بل كان يوماً فاصلاً في ذاكرة حضرموت والجنوب كله. كانت قوات الغزو القادمة من الشمال، مدعومة بالمرتزقة والسلاح والإعلام، تزحف لإسقاط ما تبقى من إرادة الدولة الجنوبية، وإخضاع الأرض والناس لعقيدة الهيمنة، تحت شعارات وحدة ماتت في مهدها وتحولت إلى احتلال بشع.

لكنهم لم يمروا بسهولة، فقد كان في مواجهتهم رجال من طراز فريد، ومنهم القائد صالح بن حسينون الذي لم يتردد للحظة واحدة في أن يتقدم الصفوف، وأن يذود عن الأرض والعرض والمبدأ.ولم يتراجع.. لم يساوم.. لم يهرب.

“مُقْبِلٌ غير مُدْبِر”.. هكذا سقط صالح، رجل لم يعرف في حياته طريق المهادنة أو الانحناء. قاتل حتى الرمق الأخير، وسط رفاقه، تحت لهب المعركة، دون أن يخشى الموت، بل كان الموت عنده شرفاً إن كان دفاعًا عن الأرض والمبدأ. لم يكن من الذين اختبأوا، أو رتبوا لأنفسهم مخرجاً آمناً. كان القادة الحقيقيون حينها في ساحة النار، لا في فنادق الخارج.

من هو صالح أبوبكر بن حسينون؟

هو أحد أبرز القادة الجنوبيين الذين تمسكوا بمبادئ الثورة الجنوبية الأولى، وناضلوا دفاعًا عن مشروع دولة مدنية مستقلة عادلة، ترفض التبعية والهيمنة. كان يتمتع بسمعة عسكرية وشخصية قوية، لكنه جمع معها تواضع المقاتلين وصفاء نية المناضلين.

وُلد وترعرع في حضرموت، وتعلّم أن الأرض لا تُمنح، بل تُنتزع بالصبر والإيمان والتضحيات، ولم يلهث وراء المكاسب، بل آمن أن القيادة ليست تشريفًا بل تكليفًا، وأن المواقف لا تُباع ولا تُشترى، بل تُدفع أثمانها من الدم والعمر والراحة.

 ما بعد الاستشهاد.. الغياب الحاضروبعد 31 عاماً من استشهاده، لا يزال حضوره حيًا بيننا. فالقادة الكبار لا يرحلون بغياب أجسادهم، بل يبقون في ضمير الأجيال، ووجدان الشعب، وشواهد المعركة المستمرة.

رغم محاولات طمس سيرته، والتغافل عن بطولته من بعض من تسلقوا المشهد بعد الحرب، لا يزال رفاقه، ومحبيه، وكل أبناء الجنوب الشرفاء، يذكرونه كأحد الرموز الذين جسدوا معاني الكرامة، والولاء للحق، والتضحية في سبيل الوطن.

 الجنوب الذي حلم به صالح

لم يكن القائد الشهيد يحلم بوطن مهشم، تائه بين الأقاليم والأطماع، بل بوطن قوي، عادل، سيد على أرضه، يحكمه رجال صادقون، وتُصان فيه الكرامة، وتُحترم فيه الإرادة الشعبية.

في زمن يُكافئ فيه من خان، ويُهمّش فيه من ضحى، تبدو ذكرى صالح بن حسينون صوتًا من الماضي ينادينا: “لا تخونوا الدماء.. لا تبيعوا قضيتكم.. لا تسكتوا عن الظلم”.

 درب الشهداء لا يُنسى

في ذكراه الحادية والثلاثين، نُجدّد العهد والوفاء، ونتذكر أن نضالنا اليوم، في وجه الفساد، هو امتداد طبيعي لمعركته ضد الغزو والاحتلال.

إن دم الشهيد صالح أبوبكر بن حسينون، وكل الشهداء الأبطال، هو أمانة في أعناق الأحياء، وعلى الأجيال أن تدرك أن الأوطان لا تُبنى بالهتاف، بل بالتضحيات.

المجد للشهداء.. الخلود للأبطال…

زر الذهاب إلى الأعلى