عبورٌ استثنائي في ضوء الخلود

علي محمد سيقلي
ثمة أيام لا تمر، بل تستقر في شغاف الذاكرة كما تستقر النجوم في مداراتها.
يومٌ كهذا لا يُحتفل به بقدر ما يُتأمل، يُصغى إليه كما يُصغى لطفلٍ ينطق بالحكمة لأول مرة، أو كما يُصغى للقلب حين يحاكي المستقبل، بكل ثقة واقتدار.
رأيتُ في هذا اليوم، وأنا أتابع الحفل عبر “الزوم” ما يجعل الكتف تنتصب فخرًا دون أن تنحني للضجيج.
شهدتُ فيه قفزة من الحلم إلى المنصة، من ضوء المكتب الخافت إلى نور القاعات العالية.
كان التفوق فيه لا يُقاس بالدرجات، بل بنوع الالتزام، وبصلابة الإيمان حين يثمر.
في أروقة جامعةٍ تتحدث باسم عاصمةٍ تكتب للعلم تاريخًا جديدًا، لم يكن المشهد عادياً،
بل كان عرضًا باهرًا لتلك العلاقة النادرة بين الإرادة والمعرفة، بين الشغف والاحتمال، بين وطن يتبنى المبدعين كأبنائه، وأبناءٍ يردّون الجميل بتفوقٍ يليق.
هناك، حيث تُزرع النخيل وتُغرس القيم، كان للعقل العربي عامة، واليمني الجنوبي خاصة، مقامه الرفيع، وكان للتميز شهادة لا تُمنح، بل تُنتزع بالكدّ والعزم.
لم أكن أنا من استلم الشهادة،
لكنني أقسم أن قلبي كان هناك، واقفًا بجانب منصة التتويج، يصفق للغد قبل أن يصفق للنجاح، يبتهج لا لنتيجةٍ تحققت، بل لمسارٍ بدأ، ولأفقٍ جديد يُنذر بأن القادم لا يشبه ما مضى.
وما أشد ثقتي، لا بشخصٍ أو اسمٍ أو لقب، بل برؤيةٍ نمت في بيئة تؤمن بأن العلم هو جواز العبور إلى المستقبل،
وبأن لا سقف للطموح في وطنٍ منح كل منجز عربي فرصة أن يُصبح أيقونة مضيئة في سجلّ العالم.
إنها الإمارات العربية المتحدة.
ومن جامعة أبوظبي، كانت ابنتي عنوانًا لهذا اليوم التاريخي، الذي خلد اسمها ورفيقاتها في صفحات المجد العلمي، ومنحته بكل ثقة صفة: “امتياز مع مرتبة الشرف”.
علي محمد سيقلي
الثلاثاء، 10 يوليو 2025م