هل رؤية الذهب في المنام نعمة أم نذير شؤم؟

النقابي الجنوبي/خاص
بين الحزن والغرامة والزواج والسلطة… هكذا فسر كبار العلماء ظهور الذهب في الأحلام
اختلف كبار المفسرين في تفسير رؤية الذهب في المنام، فبينما يجمع أغلبهم على أن لمعانه لا يحمل الخير للرجل، يرى آخرون أن شكله ومقداره وسياقه قد يقلب المعنى رأسًا على عقب، بين الحزن والفرج، والذلّ والسلطان، مما يجعل من حلم الذهب دلالة معقّدة تستوجب التأمّل.
بحسب ما ورد في تأويلات ابن سيرين، فإن الذهب في المنام مكروه عمومًا، لما يحمله من دلالة على الحزن بسبب صفرة لونه ولفظه المشابه للذهاب والخسارة. ويذهب ابن سيرين إلى القول إن من رأى أنه يلبس سبيكة ذهب، فإن ذلك يعني وقوع الغرم أو سلب المال أو الغضب السلطاني، أما من رأى أنه يذيب الذهب، فإنه يدخل في خصومة تقع على لسان العامة. واللافت أن ابن سيرين لا يستثني سوى السوار باعتباره ميراثًا، لكنه لا يخلو من تحذير بأن ارتداءه يعني الزواج من قوم غير أكفاء.
ويوافقه الرأي الإمام النابلسي، الذي يؤكّد أن لبس الذهب مكروه ويدل على مصاهرة لا تليق بالرائي. لكنه يضيف أن الذهب قد يحمل بشارات إذا قُدّم على هيئة قطعة كبيرة، فقد ينال منها الرائي سلطانًا أو وجاهة، بخلاف من يصيبه الذهب سبكًا أو إذابة، فذلك يدل على البلاء. كما يرى النابلسي أن رؤية بيت من ذهب تعني نشوب حريق، بينما تمثّل الأواني الذهبية معصية دنيوية، لا سيما إن استُخدمت، أما رؤيتها مع الأموات فتعدّ بشرى.
أما ابن شاهين، فقد أفرد أنواع الذهب بتأويلات متفاوتة. فالسبيكة تدل على الذهاب والغضب والمكروه، والصحيفة من الذهب تعني الهمّ الغالب، والذهب المصوغ أفضل حالًا من الذهب الخام. ومع ذلك، فإن الذهب بشكل عام لا يُحمد للرجل لما فيه من دلالة على الغرامة والحزن، بينما يراه مبشّرًا للنساء في حال التزيّن به، دلالة على زواج أو ذرية.
وفي باب الرموز، تُجمع التأويلات على أن رؤية السوارين أو الخلخال في المنام تدلّ على مكروه أو تقييد، لا سيما للرجل. أما القلادة والخاتم والعقد، فترتبط بالولاية وتحمل في باطنها دلالات على السلطة والتكليف. ويُقال إن الخلخال يدل على الزوج، في حين تُفسَّر الحليّ بحسب مادتها، فذهبها يدل على الذكور وفضّتها على الإناث.
كما يحفل التفسير بأبعاد دينية وروحية. فالذهب المنسوج أو المغزول يدل على الرزق الدائم والقرب من الله، فيما يشير الذهب المطلي إلى التظاهر أو التديّن الصوري. أما الذهب الخالص، فيعبّر عن صفاء النية وصدق الالتزام، بينما يعكس الذهب المشوب الخداع والادّعاء.
ويُضيف تأويل التهادي بالذهب بُعدًا اجتماعيًا للرؤية؛ فتلقي المرأة لهدية من ذهب قد يدل على زواجها من رجل غنيّ لكنه جشع، بينما يدل حصول الرجل على قطعة ذهب كبيرة على تسلّمه منصبًا مرموقًا أو نفوذًا مفاجئًا، مما يعكس الطموح والقدرة على الارتقاء الاجتماعي.
ويظهر من مجمل هذه التفاسير أن الذهب في المنام ليس رمزًا جامدًا، بل يكتسب معناه من تفاصيل الحلم وسياقه وموقع الحالم نفسه، بين ذكر وأنثى، غنيّ وفقير، صاحب سلطة أو طالب حاجة. وبينما يتحدّث القدماء عن الحريق والغضب والغرامة، لا تغيب عن تأويلاتهم نُذُر السلطة والفرح والذرية، ليبقى الذهب في الحلم رمزًا مشحونًا بالدلالات المتناقضة، لا يُفهم إلا في ضوء الرؤية الكاملة.
خاتمة:
يبقى حلم الذهب، بكل ما يلمع فيه من زينة وبريق، واحدًا من أكثر الرموز المعقّدة في عالم الرؤى. وبين تحذيرات ابن سيرين وبشارات النابلسي وتأويلات ابن شاهين، لا مفرّ من التأمّل في تفاصيل الرؤيا ومكانتها في حياة الرائي، فليست كل قطعة ذهب في المنام كنزًا، وليست كل صفرة حزنًا بالضرورة.