نازك أبو زيد: الخرطوم والولايات المنكوبة تواجه أسوأ كارثة إنسانية حديثة

النقابي الجنوبي/خاص
في ظل استمرار الحرب الطاحنة في السودان، حذرت نازك أبو زيد، رئيسة مكتب أطباء السودان لحقوق الإنسان، من تفشي وباء الكوليرا في العاصمة الخرطوم وست ولايات أخرى، في ما وصفته بـ”أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث”.
وفي تصريحات صحفية أدلت بها الأحد، أكدت أبو زيد أن الأوضاع الصحية في البلاد تدهورت بشكل كارثي، حيث تحولت الطرقات إلى قبور، والمنازل إلى نقاط إسعاف بائسة، وسط انعدام أبسط مقومات الحياة واستمرار النزاع المسلح وتجاهل الأزمة السودانية من قبل المجتمع الدولي.
وكشفت أبو زيد أن طرفي الحرب مسؤولان بشكل مباشر عن تعقيد الوضع الإنساني، لافتة إلى أن المعارك المتواصلة وانعدام الأمن تسببا في عرقلة وصول المساعدات إلى المناطق المنكوبة. كما حذّرت من تنامي ظاهرة “سماسرة الحرب” الذين يتاجرون بالمواد الإغاثية والأدوية، مما يزيد من معاناة السكان في مختلف المناطق المتأثرة.
وبحسب أطباء السودان، فقد انهارت نحو 80% من الخدمات الطبية في البلاد، خاصة في الخرطوم ومناطق الانتشار الوبائي، وهو ما دفع بالكثير من الكوادر الطبية إلى النزوح أو مغادرة البلاد، تاركين خلفهم ملايين المرضى دون رعاية أو علاج.
وأشارت أبو زيد إلى أن غياب الاستجابة الإنسانية الكافية أسهم بشكل مباشر في اتساع رقعة انتشار الكوليرا، إذ يواجه السكان أزمة مياه خانقة نتيجة استهداف محطات المياه الحيوية، ما اضطر كثيرين إلى الاعتماد على مياه آبار ملوثة ومختلطة بالصرف الصحي.
وتواجه المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل ظروفًا مأساوية، وسط نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، وانعدام وسائل الوقاية، ما يجعل الأطباء والممرضين في مرمى الوباء أيضًا.
وفي وقت يعاني فيه السكان من الجوع ونقص مياه الشرب والدواء، دعت أبو زيد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى التحرك العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، محذّرة من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا وتفاقم الكارثة.
وبينما تتصاعد التحذيرات من منظمات محلية ودولية، لا تزال الاستجابة الدولية دون المستوى المطلوب، ما يطرح تساؤلات حول موقف المجتمع الدولي تجاه مأساة السودان، التي تخطت حدود الأزمة السياسية وتحولت إلى كارثة صحية وإنسانية شاملة.
وفي غياب الحلول السياسية وغياب الإرادة الدولية، يستمر السودانيون في مواجهة الموت بأشكاله كافة، بين رصاص الحرب وأوبئة المياه ومجاعة الإهمال، فيما ينادي صوت إنساني خافت بضرورة التكاتف العاجل لإنقاذ حياة الملايين.