اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

موسكو تلوّح بالتصعيد بعد استهداف أوكرانيا لقاذفاتها النووية

 

النقابي الجنوبي / خاص

في موقف يكشف تصاعد التوتر بين موسكو وكييف على خلفية استهداف مواقع استراتيجية داخل الأراضي الروسية، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الأربعاء، إن على روسيا ألا تنساق وراء ما وصفها بـ”استفزازات أوكرانيا الإجرامية”، مؤكدًا في الوقت ذاته أهمية استغلال المفاوضات وكافة الوسائل المتاحة لتحقيق الأهداف الروسية. وفي تأييد مباشر لهذا الطرح، قال الرئيس فلاديمير بوتين: “أوافق على ذلك”.

لكن النبرة الدبلوماسية التي بدأ بها اليوم السياسي في موسكو سرعان ما ترافقت مع تحذيرات صريحة من إمكانية التصعيد. فقد صرح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن “جميع الخيارات مطروحة” للرد على هجمات أوكرانيا، والتي طالت مؤخراً مطارات عسكرية روسية بعيدة المدى.

قاذفات نووية في مرمى المسيّرات

وكانت كييف قد نفذت، الأحد الماضي، هجوماً منسقاً بطائرات مسيّرة على مطارات عسكرية روسية، بعضها في عمق الأراضي الروسية، شملت مناطق نائية مثل سيبيريا. وأسفر الهجوم، وفقاً لتقارير رسمية روسية، عن إصابة 41 طائرة من بينها قاذفات استراتيجية تدخل ضمن ما يُعرف بـ”الثالوث النووي” الروسي.

ويُعتبر استهداف هذا النوع من القاذفات تصعيداً خطيراً، نظراً لأنها مصممة لحمل أسلحة نووية ضمن العقيدة النووية الروسية، وهو ما أثار قلقاً غربياً متزايداً من انزلاق الحرب إلى مستويات غير محسوبة.

موسكو تحذر وتطالب واشنطن ولندن بالرد

وقال ريابكوف في تصريحات نقلتها وكالات أنباء روسية إن توقيت الهجوم كان “واضحاً لعرقلة الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة بين الوفدين الروسي والأوكراني في إسطنبول”، مشيراً إلى أن موسكو أبدت “أقصى درجات ضبط النفس” كي لا تُفشل المحادثات.

وأضاف: “نطالب كلاً من لندن وواشنطن برد واضح بشأن هذا التصعيد، لمنع انزلاق الأمور نحو مرحلة خطرة”. وحذّر من أن تجاهل الغرب لهذه الهجمات “قد يُفقد مفهوم الاستقرار الاستراتيجي معناه”، مشدداً على ضرورة إيجاد “قدر كاف من العقلانية” في العواصم الغربية، وخاصة في لندن.

تحذيرات أميركية من خطر سوء التقدير

وفي واشنطن، أبدى المبعوث الأميركي الخاص إلى أوكرانيا، كيث كيلوغ، قلقه من تصاعد المخاطر عقب الهجمات الأوكرانية الأخيرة. وقال في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز”: “ترتفع مستويات الخطر بشكل كبير”، مشيراً إلى أن “مهاجمة جزء من النظام الحيوي الوطني للعدو – أي الثالوث النووي – قد تؤدي إلى سوء تقدير لا يمكن التحكم بعواقبه”.

وأكد كيلوغ أن التأثير النفسي لمثل هذه الهجمات يتجاوز الأضرار المادية، مشيراً إلى أن التصعيد في هذا الاتجاه قد يُفضي إلى نتائج “غير مقبولة”.

سياق دولي مشحون وخيارات مفتوحة

يأتي هذا التصعيد بعد أيام قليلة من جولة مفاوضات في إسطنبول بين روسيا وأوكرانيا، وسط مؤشرات متضاربة بشأن إمكانية التوصل إلى أي اختراق دبلوماسي. وبينما تبدو موسكو حريصة – وفق تصريحات مسؤوليها – على إبقاء نافذة الحوار مفتوحة، فإنها في الوقت ذاته تُلمح إلى خيارات عسكرية أوسع.

وبحسب ما أكده ريابكوف، فإن وزارة الدفاع الروسية ستتخذ القرار بشأن “الإجراءات المحتملة للرد”، وهو ما يفتح المجال أمام كافة السيناريوهات، بما في ذلك التصعيد العسكري المباشر أو توسيع دائرة الاستهداف داخل الأراضي الأوكرانية.

هل تتجه الأزمة إلى مرحلة كسر العظم؟

التوتر الناتج عن استهداف قاذفات استراتيجية يتزامن مع مرحلة مفصلية في الحرب، في ظل تراجع الدعم الغربي الميداني لكييف، وضغوط متزايدة على صانعي القرار في موسكو لإظهار الحزم دون الانزلاق إلى حرب مفتوحة مع الناتو.

وفي الوقت الذي تسعى فيه روسيا لإبقاء التصعيد تحت السيطرة دون التخلي عن “أدوات الردع”، تبدو أوكرانيا ماضية في سياسة استهداف العمق الروسي بهدف كسر الهيبة العسكرية والتأثير على الرأي العام الروسي، خاصة مع اقتراب فصل الصيف الذي لطالما شكل نقطة تحول في مسار العمليات العسكرية خلال العامين الماضيين.

وفي خضم هذه المعادلة المعقدة، تبقى الخيارات مفتوحة فعلاً – كما قال ريابكوف – لكن حدودها قد ترسمها حسابات عقلانية في واشنطن وموسكو، أو قد يغير مسارها هجوم واحد آخر خارج التوقعات.

زر الذهاب إلى الأعلى