دراسة توثق تشكل عمالقة الملح في أعماق البحر الميت

النقابي الجنوبي – متابعات
ظواهر جيولوجية نادرة ترصدها الأبحاث في أخفض نقطة على الأرض
كشف باحثون من خلال دراسة علمية حديثة عن تفاصيل مذهلة لعمليات جيولوجية فريدة تحدث في البحر الميت، الذي يُعد أخفض نقطة على سطح الأرض وأكثر المسطحات المائية ملوحة بنسبة تصل إلى 34%.
وتسلط الدراسة الضوء على ظاهرة نادرة تتمثل في تشكل ترسبات ملحية عملاقة، أطلق عليها العلماء اسم “عمالقة الملح”، تمتد أفقياً لعدة كيلومترات وتبلغ سماكتها أكثر من كيلومتر عموديًا، وهي تُرصد حاليًا بشكل مباشر في البحر الميت، على عكس بحار أخرى تشكلت فيها هذه الظواهر في عصور جيولوجية سابقة.
ويتميّز البحر الميت بكونه بيئة مغلقة لا تصرف منها المياه، وهو ما يؤدي، مع التبخر العالي وانخفاض تدفقات المياه العذبة، إلى تسارع في ترسيب الأملاح وتكوين التشكيلات الجيولوجية.
وتشير الدراسة إلى أن تحويل مجرى نهر الأردن ساهم في تسريع انحسار منسوب المياه بمعدل يقارب المتر سنويًا، مما أدى إلى زيادة تركيز الملوحة وتغيير البنية الطبقية للمياه.
كما وثق الباحثون ظاهرة “ثلج الملح”، وهي عملية تتشكل فيها بلورات ملح الطعام (الهاليت) وتترسب في القاع، وكانت تقتصر في السابق على الشتاء، لكنها باتت تُرصد أيضًا في الصيف نتيجة لتغيرات حرارية وملحية غير مسبوقة.
وتحدث هذه العملية من خلال ما يُعرف بالانتشار المزدوج، حيث تتبادل طبقات المياه الحرارة والملوحة بطريقة تؤدي إلى ترسيب البلورات.
ويُشبّه العلماء ما يحدث اليوم في البحر الميت بما جرى في البحر المتوسط خلال الأزمة المالحة المسينية قبل ستة ملايين سنة، حين أدى انغلاق مضيق جبل طارق إلى ترسيب أملاح هائلة بفعل التبخر، ما يجعل البحر الميت نافذة نادرة لفهم تطور الأرض الجيولوجي.
وتتضمن التشكيلات الناتجة عن هذه الظواهر القباب والمداخن الملحية، التي قد تكون مفتاحًا لفهم تأثير المناخ على المياه الجوفية والتخزين الطبيعي للمعادن.
وترى الدراسة أن هذه الظواهر تقدم للعلماء فرصة لا تقدر بثمن لفهم التغيرات المناخية، وتكوين الرواسب، وحماية المناطق الساحلية من التآكل، فضلًا عن تحليل العمليات الجيولوجية المستمرة التي تشكل تضاريس الكوكب حتى اليوم.