اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

صحافي يمني يزف بشاراته: الاخوان المسلمون يحلون أنفسهم: لحظة تاريخية في مصر الحديثة

فتحي ابو النصر يزف بمقالته بشارات.. الاخوان المسلمون يحلون أنفسهم: لحظة تاريخية في مصر الحديثة

فتحي أبو النصر

في مفاجأة مدوية دوت أصداؤها في الأوساط السياسية والإعلامية داخل مصر وخارجها، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في بيان رسمي عن حل نفسها، وإنهاء نشاطها السياسي والتنظيمي، معربة عن دعمها الكامل للحكومة المصرية ومؤسسات الدولة في “مرحلة بناء جديدة”.

البيان، الذي وصف بالتاريخي، حمل نبرة مراجعة نقدية جادة وتوجها جديدا يختلف جذريا عن مسار الجماعة طوال ما يقارب القرن من النشاط الدعوي والسياسي.

تذكروا تأسست جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 على يد حسن البنا، وسرعان ما تحولت إلى أكبر الحركات الإسلامية في مصر والعالم العربي.
ورغم تعرضها مرارا للحظر والاضطهاد، فإنها ظلت حاضرة بقوة في المشهد العام، حتى وصلت إلى السلطة بعد ثورة يناير 2011، ثم أُطيح بها في 2013 إثر انتفاضة شعبية واسعة ضد حكمها المتعلق.

والشاهد أن إعلان الجماعة عن حل نفسها يمثل، وفق المراقبين، نهاية لمرحلة طويلة من الجدل والصراع بين الدولة المصرية وهذه الجماعة التي اتُّهمت مرارا بتوظيف الدين لأغراض سياسية، وبالسعي إلى إقامة دولة دينية تتناقض مع طبيعة الدولة الوطنية المدنية التي تؤمن بالتعددية والمواطنة.

ولقد ورد في البيان تعبير صريح عن مراجعة ما سماه “أخطاء الماضي”، والاعتراف بأن الصدام مع الدولة أضر بمصالح الوطن، مؤكدا على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية والانخراط في دعم الدولة، لا الوقوف في مواجهتها.

طبعا يقرأ البعض هذا التحول باعتباره رضوخا للواقع الجديد، وانهيارا نهائيا للكيان الذي عانى من التشرذم والانقسام والضربات الأمنية والسياسية.

فيما يرى آخرون أن هذه الخطوة قد تكون بداية لتحول فكري داخل تيارات الإسلام السياسي، وانسحابا تدريجيا من مشهد الصراع لصالح الانخراط في البناء السلمي والمشاركة الوطنية بعيدا عن العنف والتكفير.

المهم في هذه اللحظة التاريخية ليس فقط إعلان الحل، بل الاعتراف العلني بأخطاء العقود الماضية، والانحياز أخيرا لصوت الدولة والشعب.

كذلك فإن هذا الإعلان قد يعيد تشكيل ملامح العلاقة بين الدين والسياسة في العالم العربي بأسره، ويمنح مصر فرصة جديدة لترسيخ قيم الاستقرار، والانفتاح، والوحدة الوطنية.

لنخلص إلى أنه يبقى أن تلتقط الدولة المصرية هذه اللحظة بوعي، لتؤكد أن الوطن يتسع للجميع ما داموا ملتزمين بالشرعية والدستور.
أما الجماعة، فإن طي صفحتها قد يكون فرصة نادرة لتصحيح مسار طويل، والمضي قدما نحو مصر أكثر اعتدالا وعدالة

زر الذهاب إلى الأعلى