اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
أدب وثقافة

«وجوه مزيفة في وقفة حقيقية» .. قصة قصيرة، لكن مرآتها تعكس واقعًا أكبر!

النقابي الجنوبي/خاص

الساعة الخامسة مساءً…

وصلت “سفيقة” إلى ساحة الاحتشاد،
بسيارتها المكيّفة الفارهة،
ترجّلت منها بهدوء،
وأشارت لسائقها الخاص أن يُحضِر لها مروحة من القش،
فاليوم ستنضم إلى “الضحايا”.

لبست عباءة بسيطة،
وزاوجت بين نظرات التعاطف والتأفف من حرارة الشمس،
ثم تقدّمت نحو الصفوف الأولى للوقفة،
حيث تقف النساء الحقيقيات، المتعبات،
بجباهٍ يعلوها العرق، لا البخور.

صفّقت سفيقة بحرارة،
ثم رفعت لافتة كُتب عليها: “نطالب بتحسين الخدمات”،
كانت تلوّح بها برشاقة،
بينما كان مساعدها يصوّرها من عدّة زوايا…
فالصورة أهم من المطلب.

سيدة كانت تقف بجوارها همست:
“وجهك ليس غريبًا… أليست لك صلة بالخراب؟”
لكن سفيقة ابتسمت،
وأجابت بثقة: “أنا منكم… أعاني مثلكم تمامًا”.
ثم أخذت نفسًا عميقًا من عطرها الفرنسي،
وأدارت المروحة قليلاً كي لا يُفسد الحر أناقتها المصطنعة

وفي الخلف،
كان هناك من يهمس بحذر:
“لقد اخترقنا حتى الوجع، صار للفساد وجهٌ بشريّ”.

مع نهاية الوقفة،
انسحبت سفيقة بهدوء،
لوّحت للحاضرات، ثم عادت إلى سيارتها المكيّفة،
جلست في المقعد الخلفي، ابتسمت لنفسها في مرآة الحقيبة،
وقالت بصوت خافت:
“جميل أن أكون مع الضحايا… دون أن أكون واحدةً منهم.”

ثم ضغطت زر الإغلاق،
وانطلقت السيارة،
تاركةً خلفها لافتةً مكسورة، ووجوهًا أنهكها التعب…
بينما الكاميرات كانت قد التقطت ما يكفي من اللقطات
لإعادة تدوير الجلاد… كمناضل.

أبو يوسف بن علي

زر الذهاب إلى الأعلى