تحت لهيب الأزمات: الإدارة الذاتية طريق الجنوبيين للخلاص

النقابي الجنوبي/تقرير/خاص
في وقت تتسارع فيه مؤشرات الانهيار الاقتصادي والمعيشي في الجنوب، تتصاعد الأصوات المنادية بتبني الإدارة الذاتية كخيار إنقاذي أمام عجز السلطة المركزية وتخليها عن مسؤولياتها. أزمة شاملة لم تترك مجالًا إلا وأصابته بالضرر، من تردي الخدمات وانهيار العملة إلى انتشار المجاعة والأمراض، لتفرض واقعًا إنسانيًا بالغ القسوة على المواطن الجنوبي.
اللواء علي حسن زكي يصور المشهد بعبارات مكثفة حين يؤكد أن “شعب الجنوب يئن أكثر من أي وقت مضى من قساوة العيش وصعوبة الحياة”، لافتًا إلى أن “قيمة العملات الخارجية تصعد بسرعة مذهلة، فيما تنهار العملة المحلية وتتهاوى إلى الحضيض، وسط ارتفاع جنوني في الأسعار”. نتيجة مباشرة لهذا الوضع، أصبحت المجاعة تنتشر “بصورة قياسية”، والأمراض والحميات “تتفشى بشكل غير مسبوق” بسبب “ضعف وسوء التغذية وهبوط المناعة”.
لا تقتصر الكارثة على الغذاء والصحة، بل تمتد إلى البيئة نفسها. يقول زكي إن “المدن والأحياء السكنية تشهد كثافة سكانية غير مسبوقة، في ظل بيئة ملوثة ومياه مجارٍ طافحة ومستنقعات يتكاثر فيها البعوض الناقل للأمراض”، ما ينذر بأزمات صحية مضاعفة مع قدوم فصل الصيف.
أحد أبرز أوجه المأساة يتجلى في أزمة الدخل. فبحسب زكي، أصبح “متوسط الراتب خمسين ألف ريال لا يساوي قيمة كيس طحين”، متسائلًا عن مصير من يعتمدون على جهدهم اليومي وسط “كساد سوق العمل الحر”، مؤكدًا أن “المعلمون أيضًا يعانون من نفس الوضع، مع توقف العلاوات وعدم الاستجابة الحكومية لمطالبهم”، وهو ما يهدد مستقبل الأجيال، إذ أن “الأوطان تُبنى بعقول وسواعد أبنائها”.
عند تفسير أسباب هذا الانهيار، يعيد زكي جذور الأزمة إلى “التدهور المتراكم منذ عام 1990م”، تاريخ الوحدة اليمنية، حيث فشلت الدولة المركزية في توفير الخدمات وتحقيق الاستقرار في الجنوب. ومع غياب الحل السياسي، أصبحت الأوضاع تتدهور بلا أفق واضح للمعالجة.
في هذا السياق، يرى زكي أن العودة إلى خيار “الإدارة الذاتية” بات ضرورة لا مفر منها، مؤيدًا ما ورد في تحليل عدنان الكاف بصحيفة الأيام، حيث اعتبر أن الإدارة الذاتية “لا تتعارض مع الشراكة مع التحالف العربي، بل تمثل مسارًا واقعيًا لتلبية تطلعات الجنوبيين وتجاوز أزماتهم المتراكمة”.
أما على مستوى الفعل، يدعو زكي القوى المدنية والنقابية والحقوقية الجنوبية إلى “النهوض والنزول إلى الشارع”، مشددًا على أهمية ممارسة النضال “السلمي والمدني والحضاري”، وإيصال الصوت إلى “الداخل والخارج الإقليمي والدولي”، دفاعًا عن الحق في “الحياة الحرة والعيش الكريم”، واستعادة القرار الوطني الجنوبي.
وبين جحيم الحاضر وضبابية المستقبل، يبقى السؤال معلقًا: هل يستجيب الشارع الجنوبي لهذه الدعوة، ويرسم بيده معالم خلاصه المنشود؟