البشرية تعلن إفلاسها رسمياً..By – Kima Al-Saadi

By – Kima Al-Saadi
في خبر لم يكن مفاجئاً لأحد أعلنت البشرية إفلاسها رسمياً
لم يكن الإفلاس مالياً، فالمال لا يزال يتدفق في جيوب قلة مختارة بعناية
كان الإفلاس من نوع آخر: أخلاقي، فكري، وعاطفي
في مؤتمر صحفي عاجل وقف ممثل البشرية على المنصة وبيده ورقة صفراء باهتة قرأ منها بصوت مبحوح : “نأسف لإبلاغكم أن رصيد الإنسانية قد وصل إلى الصفر
لقد حاولنا جاهدين الحفاظ على المبادئ لكننا وجدنا أن الأنانية أكثر ربحية
حاولنا تعزيز التفكير النقدي، لكن نظراً لارتفاع تكلفته مقارنة بالاستهلاك السطحي
قررنا إغلاق قسم العقل والاستعاضة عنه بخوارزميات تُخبرنا بما نريد أن نسمع
في الصفوف الأمامية جلس بعض المفكرين القدامى أولئك الذين ما زالوا يصرّون على استخدام عقولهم رغم أنها أصبحت سلعة نادرة أحدهم تمتم بحسرة : كنا نعلم أن النهاية قريبة عندما بدأ الناس يأخذون آرائهم من تعليقات مواقع التواصل بدلاً من الكتب على الهامش كانت الفضيلة تقف في زاوية معتمة تحاول التسلل خارج القاعة قبل أن يراها أحد
بينما جلس الضمير على الأرض يمضغ ورقة استقالته التي لم يكترث أحد لقراءتها
وفي الوقت ذاته كانت الطبيعة تشهد بصمت على هذا الإفلاس وهي تعاني من تبعات أفعال البشر وتدهور متسارع في المناخ
لم يكن التفاوت الطبقي إلا دليلاً آخر على الإفلاس حيث تستحوذ قلة قليلة على الثروة بينما يعاني الملايين من الفقر والظلم في غياب تام للتعاطف والعدالة
الحروب والصراعات التي تمزق العالم كانت شاهداً إضافياً على فشل البشرية في حل خلافاتها بالطرق السلمية وكارثة إنسانية لاتوصف
وأما الفنون والآداب فقد تراجع الاهتمام بها وطغت الثقافة الاستهلاكية على الإبداع والتعبير الفني
وأصبح الإنسان يفضل المحتوى السريع والسطحي على المحتوى العميق الذي يحتاج إلى تفكير.
في الخلفية كان هناك رجل عجوز يرتدي معطفاً قديماً يقف عند الباب لم يكن صحفياً ولا مسؤولاً مجرد شخص عادي جاء بدافع الفضول أو ربما الأمل تقدم قليلاً وسأل بصوت متردد:
لكن هل هناك خطة إنقاذ ؟ هل يمكننا إعادة بناء ما خسرناه؟
التفت إليه ممثل البشرية نظر إليه للحظة ثم ضحك بسخرية قبل أن يقول:
نحن بالكاد نستطيع الاتفاق على نوع القهوة التي نريدها في الاجتماعات فكيف سنتفق على إنقاذ الإنسانية؟
ضحك الحاضرون بأصوات متباينة بين استهزاء ويأس قبل أن يعود كل منهم إلى هاتفه حيث تنتظره حياة موازية أكثر راحة عالم من الفلاتر، الحقائق المعدلة، والآراء الجاهزة للاستهلاك
في النهاية
أغلق المؤتمر دون جلسة أسئلة فلا أحد يريد سماع إجابات قد تربكه
أما الإنسانية فقد عادت إلى مكتبها الصغير أغلقت الباب بإحكام ووضعت لافتة:
“مغلق حتى إشعار آخر”
By – Kima Al-Saadi