اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

الصداقة الحقيقية لا تُباع ولا تُشترى

جلال باشافعي

كم من العلاقات انتهت وتحولت إلى أحقادٍ ونزاعات بمجرد زوال المصالح! وكم من أشخاصٍ كانوا يتظاهرون بالمحبة والوفاء، وحين لم يجدوا ما يريدون، أداروا ظهورهم بلا تردد! هذه ليست صداقة، بل صفقة مؤقتة تنتهي بانتهاء الفائدة، وكأن المشاعر التي أظهروها لم تكن سوى قناع زائف يرتدونه عند الحاجة، ثم يرمونه متى انتفت الحاجة إليه.

هؤلاء لا يعرفون معنى الوفاء، ولا يفهمون قيمة العلاقات الحقيقية، فهم أشخاصٌ لا يرتبطون بك، بل يرتبطون بما تقدمه لهم. وحين تعجز عن تلبية مطالبهم، يسقطون عنك قناعهم الحقيقي، فتراهم على حقيقتهم: مجرد أشخاص مرّوا في حياتك لا أكثر. هؤلاء لا يستحقون حتى الذكرى، بل يستحقون أن يُمحوا من صفحات حياتك تمامًا.

أما الصداقة الحقيقية، فهي شيء نادر وثمين، لا يُشترى ولا يُباع، بل تُبنى على أسسٍ متينة من الصدق والإخلاص. الصديق الحقيقي ليس من يبحث عنك عندما يحتاجك فقط، بل هو الذي يبقى معك في أسوأ ظروفك، من يقف بجانبك عندما يبتعد الجميع، من يُسندك عندما تتعثر، ومن يفرح لنجاحك دون غيرة أو حسد.

هذه الصداقة لا تزول مع الزمن، بل تزداد قوة كلما مرّت باختبارات الحياة. قد تفرّق بينكم الظروف، قد يبعدكم السفر، قد يُغيب الموت أحدكم، لكن الذكرى تبقى، والمودة لا تتغير، والقلوب تظل متصلة مهما بعدت المسافات.

فلا تأسف على من خذلك، ولا تندم على من باعك بثمن بخس، بل اشكر الله أنه كشف لك حقيقتهم قبل أن تمنحهم مكانةً أكبر مما يستحقون. وكن مع من يحبك بصدق، لا مع من يحتاجك لمصلحة، فالصداقة ليست بالأيام، بل بالمواقف، وليست بالكلمات، بل بالأفعال.

جلال باشافعي
ناشط نقابي وسياسي جنوبي

زر الذهاب إلى الأعلى