اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

(العنكبوت) الملعون

العنكبوت الملعون

By -Kima Al-Saadi-

العنكبوت الذي أقسم بالانتقام
في البداية، كنت أعتقد بان غرفتي ملكي وحدي، لكن مع الوقت اكتشفت أنها مستعمرة مشتركة مع كائنات ذات ثمانية أرجل وقلب مفعم بروح المغامرة.

كنت أراها تتجول فوق الحائط وكأنها تمارس حقها الطبيعي في الحياة، وأحيانًا أجدها تمشي على ايدي كأنها تلقي عليّ التحية الصباحية.

مع الأيام، أصبحت أتقبل وجودها كرفيقة سكن غير مدعوة، لكنها على الأقل كانت متحضرة بما يكفي لعدم الزحف فوق وجهي أثناء النوم..
لكن اليوم، تغيرت القصة.

في المطبخ، وأنا منهمكة في إعداد الزربيان العدني، منشغلة بتقليب اللحم في القدر، ورائحة البهارات تفوح في الأرجاء، ظهر أمامي عنكبوت بحجم ملعقة الغرف، يقف فوق حافة الحوض وكأنه زعيم عشيرة قديمة عاد ليستعيد مجده المفقود.

لا أعلم إن كان مجرد عنكبوت مارٍّ أم أنه أحد أحفاد أولئك الذين سكنت غرفتي ذات يوم. لكنه وقف هناك بثبات مريب، يحدق بي بعينيه المتعددة، وكأنه يعلم أن هذه ستكون معركته الأخيرة.

في لحظة شجاعة – أو تهور، لا أعلم حقيقةً – قررت أن أنهي حقبته بنفسي. أمسكت بوعاء الماء وصببته عليه، كما يفعل الطهاة العظماء حينما يصبون مرق اللحم بحذر. لكنه لم يمت كما توقعت. لا، بل بدا وكأنه يصارع الماء، كأن حرارة الانتقام تغلي في داخله أكثر مما يغلي الزربيان فوق النار.

كان يرتجف، لكنه لم يستسلم، وكأنها لحظة درامية من فيلم انتقامي واقعي، حيث يهمس العدو المحتضر بآخر الكلمات المليئة بالوعيد:
“أنا لن أذهب وحدي… سأعود عبر ذريتي، وسلالتي، وأحفادي الذين لم يولدوا بعد… وسنستعيد غرفتي، غرفتنا…”

وهكذا، تركني مع وعد لم أفهمه إلا بعد أن انتهى المشهد.
عودة الانتقام؟
الآن، وأنا أجلس في غرفتي بعد أن انتهيت من أكل الزربيان، رفعت رأسي ببطء… وهناك، في الزاوية، رأيته. لم يكن العنكبوت الذي قتلته، لكنه يشبهه كثيرًا، بل ربما يكون أقرب إليه مما أود أن أعترف.
وقف هناك دون حراك، وكأنه يقول لي:
“لقد بدأنا فقط… الحرب لم تنتهِ بعد.”في تلك اللحظة، أدركت الحقيقة المخيفة: ربما لم يكن العنكبوت الذي قتلته سوى رسولًا من عالمهم السفلي، والآن… بدأت عائلته بالظهور.

وهكذا، منذ ذلك اليوم، لم أعد أنام دون تفقد زوايا الغرفة، ولم أدخل المطبخ دون النظر إلى الحوض بحذر
قد أكون انتصرت في معركة، لكنها الحرب؟ الحرب التي لم تنتهِ بعد.
أتساءل:
هل سيعود؟
هل سيرسل أبنائه للانتقام؟
هل سأصحو ذات يوم وأجدهم يحتفلون فوق رأسي؟
قصة حقيقية
By -Kima Al-Saadi-

زر الذهاب إلى الأعلى