الجنوب الماضي الذي افتقدناه والمستقبل الذي ننشده

✍ / ياسمين مساعد
إن جنوب ماقبل ١٩٩٠م مثل دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الدولة المعترف بها من قبل المجتمع الدولي وكان لها تمثيل رسمي في كل المحافل الدولية كما إنها إستطاعت أن ترسي قواعد الدولة من خلال بناء المؤسسات الخدمية والإنتاجية وبسطت الأمن وفرضت النظام والقانون الذي كان جميع مواطنوها يعيشون تحت مظلته
وبرغم من إنها إنتهجت نظام الإشتراكية في إدارت الحكم وبسبب هذا لم تستطع أن تفتح آفاق إقتصادية ولم يستغل ميناء عدن بشكل المطلوب رغم أهمية موقعه الجغرافي الهام الذي يشكل نقطة إلتقاء للعالم شرقاً وغرباً وأيضاً حرم أبناء الوطن من الإستثمار في وطنهم وتسبب ذلك في هجرة الكثير من التجار ورؤوس الأموال إلى دولٍ كثيرة ومن ضمنها دولٍ مجاورة إستغلت هذه العقول الفذة والإمكانيات وسخرتها لخدمة أوطانها وإستطاعت أن تنهض وأن تبني إقتصادها وتوفر الحياة الكريمة والرفاه لمواطنيها وهذا يعتبر خطأ وقع فيه الجنوب آن ذاك.
ولكن وفي مقابل ذلك إستطاعت دولة الجنوب أن تحفظ وتصون كرامة المواطن وتوفر له العيش الكريم ومجانية الصحة والتعليم والتعليم الأكاديمي الداخلي والخارجي وإنشاء الكليات العسكرية ذات التخصصات المختلفة وعلى أحدث التقنيات حتى أصبح جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من أقوى جيوش الوطن العربي.
كما أن الدولة الفتية قد وفرت الوظيفة العامة في مختلف القطاعات الحكومية لكل أبناء الجنوب ولكل المستويات الدراسية ولهذا فقد أنشأت المصانع والشركات والمزارع التابعة لدولة أي للقطاع العام الذي أستوعب الكثير من العاملين وقضى على البطالة وحقق الإستقرار المجتمعي للمواطنين الذين كانوا متساوون أمام القانون وهذا الشعور ولد لدى المواطن شعور بالرضى وخلق لديه حس وطني وإنتماء جارف للوطن.
ولأن الدولة الجنوبية أعطت إهتمام كبير لتعليم فقد تنمامى مستوى الوعي والثقافة لدى المجتمع الجنوبي فضهر ذلك جلياً بإهتمام المواطن بنضافة شوارع المدن والمتنفسات والحفاظ على الآثار وحمايتها وعدم البناء العشوائي والبسط على الأراضي. كل هذه الأشياء الجميلة إستطاعت الدولة الجنوبية أن تحققها ولهذا بعد مرور كل هذه السنين لازال الجنوبيين يحنون للماضي ويسموه بالزمن الجميل الزمن الذي أعطى الفرص للجميع ولايفوتني أن أذكر هنا كيف شجع ودفع بالمرأة الجنوبية وأعطاها الفرص المتساوية مع أخيها الرجل في كل مجالات الحياة حيث كانت المرأة الجنوبية هي الرائدة على مستوى الجزيرة والخليج فقد تبوأت الكثير من المناصب القيادية في الدولة وفي مجالس الشعب بل وإستطاعت أن تتقلد منصب القضاء فمن منا لايتذكر راقية حميدان أول قاضية على مستوى الجزيرة والخليج وأيضأ المضلية إنتصار أول مضلية في منطقة الجزيرة والكابتن طيار روزا عبد الخالق والكثير من النساء اللاتي إستطعن أن يحفرن أسماءهن في ذاكرة التاريخ الجنوبي من إعلاميات ومفكرات ومبدعات نعم لقد كانت المرأة الجنوبية نجماً لامعاً في سماء الوطن والجزيرة والخليج وكان لها شرف إصدار أول صحيفة تعنى بشؤون الأسرة في خمسينيات القرن الماضي وأسست الكثير من المنتديات والملتقيات الثقافية وكان لها السبق في تحقيق الكثير من الإنجازات الرياضية على مستوى الإقليم.
لكل ماذكر آنفاً نعم سيبقى الحنين للماضي ولزمن الذي يسموه آباءنا الزمن الجميل الذي رووا حكاياته وقصصه للأجيال الصاعدة الذي لم ترى هذا الزمن وإنما سمعته من حكايات الأباء حتى حفظته تماماً ولهذا جيل الوحدة المشؤومة هم من كانوا وقود الثورة السلمية وبراكين المقاومة الجنوبية التي إجتثت الإحتلال بغير رجعة لأنها تريد أن تعيش في ضل الدولة الجنوبية العادلة دولة النظام والقانون ولكن هذه المرة بنكهة جنوبية خالصة وبحكم فدرالي عادل وإنفتاح إقتصادية يفتح الآفاق لدولتنا الجنوبية القادمة التي ستشرق على العالم وتحقق الرفاه والسعادة لأجيال الجنوب لأنهم يستحقون أن يكونوا أسعد شعوب الأرض.
وستصبح الفترة التي عاشها أبناء الجنوب تحت مظلة الوحدة الغير مباركة مجرد ذكرى كلما تذكرها الإنسان الجنوبي زاد عشقة وتشبثة وحفاظة على الهوية والإنتماء للأرض الجنوبية التي ستبقى دائماً وأبداً أرض ولادة للعظماء.