جيش الاحتلال الإسرائيلي.. البنية العسكرية وحجم العرب وسط الأقليات
النقابي الجنوبي/خاص
يتبادر إلى الأذهان دائما صورة الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين أو العرب أن المعركة بين مسلمين ويهود بينما هي ليست حقيقية بطبيعتها وليست دائما صائبة فيوجد “المئات من المسلمين يقاتلون في صفوف الجيش الاسرائيلي “ومنهم من شارك في حرب غزة الأخيرة.
بدأ الجيش الإسرائيلي في 26 مايو 1948، بعد نحو أسبوعين من إعلان قيام دولة إسرائيل، العمل بشكل رسمي باعتباره المنظمة العسكرية الوحيدة في البلاد.
وأصبح يحتل الجيش الإسرائيلي اليوم المرتبة الـ 17 في قائمة أقوى الجيوش في العالم وفقاً لإحصائيات موقع “غلوبال فايرباور” الأمريكي.
في ظل ذلك نبحث عن ماهية البنية العسكرية التي يتألف منها جيش الاحتلال الاسرائيلي؟ وكيف تصنف طبيعة الفئات المنتمية إليه؟
يضم الجيش في صفوفه 169 ألف جندي في الخدمة الفعلية النظامية، ونحو 465 ألفاً في الاحتياط، وفقاً للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (آي آي إس إس).
وتخدم في الجيش الإسرائيلي مجموعة متنوعة من الطوائف والأديان، تشمل إلى جانب اليهود، المسيحيين والمسلمين من البدو والدروز وجميعهم من حملة الجنسية الإسرائيلية.
وكشفت بيانات للجيش الإسرائيلي نشرتها صحيفة “جيروزاليم بوست” زيادة ملحوظة في أعداد المجندين المسلمين، ومعظمهم من البدو التي تأسست كتيبتهم عام 1987 كـ “كتيبة الاستطلاع الصحراوية”.
ووفقا للصحيفة “فقد انضم نحو 606 من المسلمين إلى الجيش في عام 2020، مقارنة بـ 489 في عام 2019 و436 فقط في عام 2018”. ويعود السبب وراء هذه الزيادة إلى حملات تجنيد كبيرة يقودها الجيش، تهدف “إلى تجنيد المزيد من الشباب العرب”.
ويشير تقرير آخر لنفس الصحيفة إلى إن حوالي 1500 من البدو يخدمون في الجيش. وخلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس سلّط مقتل الجندي البدوي أحمد أبو لطيف الضوء من جديد على الدوافع وراء انضمام بعض البدو إلى الجيش الإسرائيلي.
وشهدت السنوات الأخيرة تزايد انضمام أفراد من البدو إلى الجيش نظرا لـ “الضائقة الإقتصادية والتمييز ضد أبناء الأقليات العربية”، كما أن “الخلفية العسكرية للشباب تضمن تأمين مقومات الحياة الأساسية لهم من مسكن ووظيفة وفرص تعليم لا يمكن الحصول عليها من دون الخدمة العسكرية”.
ويواجه البعض من الجنود العرب اعتراض مجتمعاتهم على الخدمة في الجيش ويتهمهم البعض بـ”الخيانة”.
وخلال حرب اليمن توافد عشرات اليهود اليمنيين إلى إسرائيل عبر عمليات معقدة لم تشهد لها مثيلا من قبل مع تهريب مخطوطات أثرية وتأريخية للبلد.
والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 19 يهوديا نجحت الوكالة اليهودية بتهريبهم من اليمن في أحدث عملية سرية من هذا النوع. وقالت الوكالة إنه تم تهريبهم بمساعدة أمريكية.
ومنذ سنوات أصدرت الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح فتوى تحرم خدمة المسلمين في الجيش الإسرائيلي ومن يفعل ذلك ويقتل في المعارك تمنع الصلاة عليه في المساجد التابعة للحركة.
إلى ذلك فرضت إسرائيل التجنيد الإجباري على الشباب الدرزي منذ عام 1956، ضمن ما يعرف بـ”حلف الدم”، حينما تعهد آنذاك قادة الطائفة بالولاء لدولة إسرائيل والخدمة في الجيش مقابل تعزيز المكانة الاجتماعية والإقتصادية لهم.
وتأسست عام 1974 الكتيبة الدرزية أو ما يعرف بكتيبة “حيرف” أو “السيف”، التي كانت تنشط عادة في الحدود مع لبنان، وكان الدروز الأغلبية الساحقة فيها إلى جانب جنود يهود وفي عام 2015 قرر رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، حل الكتيبة نظرا لرغبة الدروز الانخراط في وحدات الجيش المختلفة.
واليوم يخدم الدروز في جميع وحدات الجيش ومنها الوحدات القتالية والتشكيلات التكنولوجية والاستخباراتية، ويتميزون بإلمامهم باللغة العربية وبثقافة المجتمع العربي.
وينفي رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية الكاتب غالب سيف النسب الرسمية المعلنة لانضمام الشباب الدرزي في الجيش، ويقول “إن نسبة المجندين من العرب الدروز في كل أجهزة الأمن الإسرائيلية هي ثمانية في المئة فقط”.
ويرى رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية الذي سبق له أن خدم في الجيش الإسرائيلي وانسحب فيما بعد أن التجنيد الإلزامي “لم يجلب المساواة والعدالة لأبناء الطائفة”.
أما بالنسبة للمجتمع الدرزي في الجولان السوري المحتل فالنظرة تختلف بشكل كامل إذ يتمسك دروز الجولان بهويتهم القومية العربية السورية ويقاطعون الخدمة العسكرية كما يرفضون الجنسية الإسرائيلية.
في ضوء ذلك ألزمت الأقلية الشركسية بالخدمة العسكرية عام 1958، حيث يخدم الرجال فقط في جميع وحدات الجيش.
ويبلغ عدد الشركس المسلمين في إسرائيل حوالي 5000 نسمة، يعيشون في قريتين شمال فلسطين المحتلة الأولى قرية “كفر كما” إلى الشرق من بحيرة طبريا والثانية “الريحانية” بالقرب من الحدود السورية.
تعد الخدمة العسكرية إلزامية لليهود رجالاً ونساء لمن يبلغ سن الـ 18 عاماً، إذ يخدم الرجال 32 شهراً، وتخدم النساء 24 شهراً، ومن يرفض الخدمة العسكرية يتعرض للمساءلة القانونية وقد يواجه السجن المتكرر، قبل أن يتم تسريحه من قبل مجلس الطب النفسي العسكري.
ويسرح الجنود عند انتهاء فترة الخدمة الإلزامية باستثناء من أراد أن يتخذ من الجيش وظيفته الدائمة ويُثبت في القوات النظامية أما الذين سُرّحوا فيشكلون نواة جيش الاحتياط في إسرائيل، ويُستدعى جنود الاحتياط كل عام لفترة محددة لتلقي التدريبات العسكرية للحفاظ على جاهزيتهم.
ويظل الأغلبية الساحقة في الجيش هم اليهود، إذ يبلغ عدد اليهود في إسرائيل 7.145 مليون شخص من أصل 9.727 مليون شخص، وفق دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية لعام 2023.
ومن يخدم في الجيش هم من “اليهود العلمانيين والمتدينين والتقليديين”، أما اليهود الأرثوذكس المتشددون (الحريديم) فيعفون من الخدمة العسكرية في إطار اتفاقيات سياسية تعود لنشأة الدولة، حيث يتفرغون للدراسات الدينية.
ونظرا للجدل السياسي الذي أثارته قضية إعفاء الحريديم في الأوساط الإسرائيلية أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في فبراير الماضي عن وجود مقترح جديد لمشروع قانون ينهي إعفاءهم من التجنيد في ظل الحرب المستمرة في غزة.
ودعم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد حاجة جيش الاحتلال الاسرائيلي لتجنيد الحريديم، مع استمرار الحرب في غزة قائلا “نحن جميعا نحمل العبء نفسه ومن لم يتجندوا لن يحصلوا على أموال من الدولة”.
على إثر ذلك تظاهر في الثامن عشر من مارس الماضي المئات من الحريديم في القدس المحتلة رفضا للتجنيد ورددوا شعارات من بينها “نموت ولا نتجند في الجيش” فيما من المفترض أن ينتهي إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية نهاية شهر مارس الماضي بناء على مهلة المحكمة العليا للحكومة الإسرائيلية ومن ثم التوصل إلى صيغة تفاهم بشأن تجنيدهم وإلزامهم بالخدمة العسكرية.
وبحسب المعهد الإسرائيلي للديمقراطية يبلغ عدد السكان الحريديم في إسرائيل حوالي مليون و335 ألفا، أي 13.6 في المائة من إجمالي السكان.
ومع شن الحرب على غزة عقب هجوم السابع من أكتوبر استدعى الجيش الإسرائيلي مئات الآلاف من جنود الاحتياط بمن فيهم المقيمون في الخارج.
ويمكن أن تعفى النساء من الخدمة العسكرية لعدة أسباب منها الزواج أو الحمل أو الأمومة أو لأسباب دينية، كما يمكن إعفاء الشباب الإسرائيليين الذين يعانون من مشاكل طبية أو نفسية من الخدمة بعد إجراء الفحص عليهم.
يشكل العرب من حملة الجنسية الإسرائيلية نحو 21 في المائة من سكان إسرائيل، ويعيشون في مناطق النقب والمثلث وشمال إسرائيل.
وتفرض إسرائيل التجنيد الإلزامي على الرجال من الدروز والشركس، ويُستثنى بقية العرب من حملة الجنسية الإسرائيلية من الخدمة العسكرية الإلزامية، لكن عددا منهم يختار طواعية الانضمام للخدمة العسكرية.