في استعراض مراحل الفهلوة د. علي جارالله يسرد “التكتل والضحك على القضية الجنوبية”
كتب/ د. علي محمد جارالله
لا أعرف ماذا حدث لهذا الزمن، و لماذا الأيام والأحداث تركض مسرعة، وأغرب ما فيها ان الفهلوة السياسية كثرت فيها، فالسياسي الفهلوي مثله مثل لاعب السيرك، مثل المغامر، مثل المقامر، مثل المخادع او هم هكذا، و ليس مثل.
هؤلاء يسخّرون مواهبهم الشيطانية احياناً لفعل أمر لا يتقنون سواه، فالفهلوي يدخل على الآخر بطريقتين، هجوم ذكي و سوء نية مبيتة، و هاتان الطريقتان كافيتان لأداء مهمة الفهلوة والخداع.
الفهلوي النصاب لا يستطيع اللعب الا في في الأماكن القذرة الفاسدة، و لا ينجح إذا ذهب لبيئة نظيفة سليمة.
ما يعمله لاعبوا السيرك هو عمى للعيون، و تخدير للعقول، و هو ما يعمله الفهلوي و المخادع، يقول لك أحدهم كنت في صندقة، وفجأة اصبحت ملياردير اتحكم بمصائر الناس، او ذاك الفهلوي الآخر الذي كان يعمل في شيشة بترول وأصبح من أباطرة وتجار البترول، أو ذاك الوزير الذي كان ينتظر في طابور طويل في بريطانيا ليقبض الإعانة الشهرية، فأصبح بقدرة قادر وزيراً.
متى سيتعلم شعب الجنوب كيف يقتلع الفسدة المخادعين، او ان هذا الشعب يحتاح كل مرة لفأس تقع في الرأس ليصحى على حساب الوهم والوهن!!
الفهلوي السياسي المخادع مثل الطالب الذي يغش في إمتحانات المراحل الدراسية و ينجح كل سنة بالغش، ولكن في الإمتحان النهائي يتم إكتشافه، و يتم رمي ورقة الإجابة في سلة المهملات، و يتم طرده، وتنتهي أوهامه بأنه فهلوي وذكي.
الفهلوي يبني لنفسه شخصية وهمية و يُكبِّر فيها “الأنا” المختلفه عنه، و يعيش هذا اللون من الفهلوة و الخداع، وتصبح حياته عبارة عن ممارسات للخداع و يتجرد من عفوية العيش، ويصبح مقيد بقيود الفهلوة والغش والخداع، ولا يستطيع التخلص منها لأنها اصبحت جزء من شخصيته.
ابتلى شعب الجنوب ببعض الفهلوية من الساسة، الذين يعتبرون ان السياسة هي فن الكذب، وليس فن الممكن، فتلقى أحدهم فهلوياً بإقتناص الفرص عندما تبرز المشاكل ليأتي برأي سديد هو يعتبره هكذا، و يستعمله بعض المصلحجية لتسويق اهدافهم، ثم يغيب هذا الفهلوي، وتراه يظهر في موقف جديد، الا انه نسى ان فهلوته فسدت وأصبحت مكشوفة للناس، اتذكر قبل 5 سنوات أجتمع هذا الفهلوي بمطعم الرومانسية و معه فهلوي آخر مشهور بالقفز من السفن السياسية عندما يشعر انها تقترب من الغرق، وجمعوا حولهم مجموعة من رجال محافظة حضرموت، وفحوى اللقاء المطالبة بإقليم حضرموت، ومرت السنون وبقت حضرموت لأهلها وعزّات يا أهل حضرموت، تذكرت يومها المحضار يوم قال:
عـزّات يا راس عالي با يـخـفـضـونـك / و النور لي هـو يـلألئ من فـوقـك الـيـوم غـاب
يا حصن مولى البناقل محلى ركونك / خـيـفـان بـعـد الـزوامـل ينـعـق عليـك الـغـراب
لـي خـرّبـوا دار بـصـعـر با يـخـربـونــك / خذ عشر خذ خمس تعشر لابد لك من خراب
ويتكرر اليوم نفس المشهد، نفس الرجل الفهلوي، ومعه السياسي القفّاز مجمّعين بعض من الساسة كممثلين لأحزاب و مكونات بعضها لم نسمع عنها بعد، و الهدف هو التكتل لإنهاء انقلاب الحوثي، و كما يبدو لي انهم كلهم احزاب وحدوية او شبه وحدوية.
اما بالنسبة للقضية الجنوبية، فهذا التكتل لا يعترف بها كقضية وطنية و انما كإحدى القضايا التي يعاني منها اليمن، و كأن المُخرج استخدم نفس السيناريو السابق مع القضية الجنوبية، فعلى هذا التكتل إن اراد كسب ثقة الشعب الجنوبي فعليه ان يعترف ان القضية الجنوبية هي قضية هوية، وقضية الهوية تتطلب حل لها وهو إستعادة هوية هذا الشعب، اما ما ينوي التكتل القيام به ما هو الا حرث في بحر، فحل القضية الجنوبية هو اساس حل حل كل مشاكل الشماليين، لأنه بحل القضية الجنوبية لن يبقى لدى الشماليين ما يختلفوا عليه.
الخلاصة:
ـــــــــــــــ
يحدث هذا في علاقات البشر ببعضهم، و يحدث كثيراً في الجنوب بعد انتصار ابناء الجنوب في حربهم ضد صالح و شريكه الحوثي، فنظرة الى الشرعية ستجد كثير منهم ينطبق عليهم ما قلته، وانظر إلى المكونات الجنوبية الأخرى، فستجد كثيرين ينطبق عليهم كلامي.
هؤلاء البشر كمن ينظر إلى مرآة مكسية بالتراب، فلا يرى نفسه كما يجب، وانما مشوشة ومشوهة.
د. علي محمد جارالله