صالح شائف يكتب: إستنهاض الروح الوطنية دفاعاً عن الجنوب ومستقبله
صالح شائف
تثبت لنا مجدداً مختلف التطورات المتسارعة وبأكثر من إتجاه؛ وبعناوينها المتعددة على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ بأن الجنوب يقع في القلب من كل ذلك؛ وهدف مباشر ومشترك للكثير من القوى والجهات المعادية لقضيته الوطنية؛ وستكون الفترة القادمة على درجة عالية من السخونة؛ وتتطلب نهوضاً مقاوماً لكل ذلك ويقظة عالية؛ وقبل هذا وذاك تتطلب مواقف حازمة وسياسات وطنية غير مهادنة؛ ومرنة وذكية ومسؤولة في ذات الوقت.
إن من يختزلون مسؤولية الدفاع عن الجنوب وقضية شعبه العظيم المكافح والصبور بالمجلس الإنتقالي الجنوبي وحده؛ إنما يتهربون عملياً من مسؤوليتهم الوطنية والأخلاقية والتاريخية؛ في ظروف دقيقة وحساسة للغاية؛ بل أن بعضهم لم يقف عند هذا الحد؛ بل ذهبوا بعيداً وحمّلوه كل ما يعانيه الجنوب اليوم؛ ولا يعترفون بما حققه من مكاسب وطنية متعددة المجالات والميادين؛ وطنياً وسياسياّ وعسكرياً أمنياً وإعلامياً وثقافياً؛ رغم كل الظروف المعقدة والمحيطة بدوره ونشاطه وحربه المتعددة الميادين والجبهات؛ وكذلك نجاحه على صعيد إستعادة منظمات وإتحادات الجنوب النقابية والمهنية والنوعية والتي شملت كل القطاعات؛ وفك إرتباطها عن تلك الخاضعة ( لصنعاء والشرعية )؛ وهي على درجة كبيرة من الأهمية؛ لجهة استعادة مؤسسات المجتمع الجنوبي المختلفة؛ لأهمية دورها في الدفاع عن حقوق الجنوبيين وحماية مؤسساته الوطنية والحفاظ على هويتها الجنوبية.
بل ويكرسون جهودهم مع الأسف الشديد للنيل من الإنتقالي؛ والتقليل من شأنه ودوره الوطني الحاضر بقوة في الساحة الوطنية الجنوبية وتصدره للمشهد السياسي الجنوبي؛ رغم كل السلبيات والهفوات والأخطاء التي حصلت هنا وهناك؛ وهو مدعو لتصويب وتصحيح الكثير من الأمور في نشاطه؛ ومواصلة عملية الهيكلة وإعادة النظر في بعض جوانبها غير الموفقة؛ وجعلها قاعدة للنهوض بعمله ودوره الإستثنائي؛ وبما يكسبها المزيد من الأبعاد والمضامين الوطنية الأكثر عمقاً وشمولاً؛ وكذلك مراجعة وتقييم خطابه العام السياسي والإعلامي وبجدية كاملة؛ ووفقاً للظروف والمتغيرات القائمة.
إن هذا البعض من أهلنا في الصف الوطني الجنوبي؛ يحاولون وبكل الوسائل والطرق؛ وبكل ما هو متاح لديهم لإلحاق الهزيمة بالإنتقالي؛ وكأن ذلك هو ( الإنتصار ) الكبير للجنوب الذي سيحتفلون به ويهللون له؛ بينما الحقيقة التي يتجاهلونها أو لا يريدون الإقرار بها وبواقعيتها؛ بأن من سيهزم أولاً وأخيراً؛ هو الجنوب وحده وقضية شعبه الوطنية التحررية؛ إذا ما كتب لأعداء الجنوب الإنتصار عليه؛ وهو أمر مستبعد حصوله ما بقي الجنوب متمسكاً بقضيته ومستعداً للدفاع عنها وبكل قوة.
ولن يكون ( الإنتصار ) الذي يتمنون حدوثه ( بهزيمة ) الإنتقالي إلا لصالح أعداء الجنوب؛ وتفريطاً بتضحياته التي قدمها غالية في سبيل حريته واستعادة دولته الوطنية؛ ولن يكون بمقدورهم ( التمتع ) بنشوة ( الإنتصار ) لأنه سيكون ( حصرياً ) بمن تآمروا على الجنوب وناصبوه العداء منذ إسقاط مشروع الوحدة الطوعية والسلمية بالحرب على الجنوب عام ٩٤م؛ وسيكتشفون بأن دوافعهم وأنانيتهم وشخصنتهم للأمور؛ قد جعلتهم يقفون في المكان الذي لا يليق بهم؛ وسيدركون ولو متأخراً؛ بأنهم قد هزموا أيضاً مثلهم مثل بقية أبناء شعبهم؛ ونقول هذا من باب الإفتراض ليس إلا؛ فشعبنا سيصمد ويقاوم وسينتصر حتماً.
لذلك ولغيره من الأسباب فإن المسؤولية الوطنية تقتضي منهم وقبل غيرهم؛ مراجعة وتقييم مواقفهم ومن منطلق وطني؛ ينتصرون فيه للجنوب ولتاريخه ولمكانته بين الشعوب ولمستقبله؛ ولن يكون ذلك إلا عبر التفاهم والتوافق الوطني مع الإنتقالي؛ وعلى أساس المصارحة والصدق والوضوح من قبل الجميع مع الجميع.
على أن يطرحوا كل الأراء والرؤى؛ بما في ذلك التحفظات التي لديهم على على سياسة الإنتقالي الوطنية؛ وموقفهم من مسيرة الحوار الوطني الجنوبي؛ رغم ما تمخض عنه في اللقاء التشاوري من نجاح تاريخي كبير؛ وإقراره للميثاق الوطني الجنوبي؛ الذي لم يغلق باب الحوار حوله؛ وتعديل ما يمكن تعديله وتطوير مضامينه؛ وبما يجعل من الميثاق الوطني الجنوبي مرجعية وطنية شاملة للتوافق الوطني؛ ليذهب الجميع معاً بإرادة وطنية واحدة ورؤية جامعة وبموقف موحد نحو المستقبل