اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

د/وهيبة شاهر: نـوفـمـبـر الـمـجـيـد بـيـن أمـجـاد الأمـس ومـعـانـاة الـيـوم

د/وهيبة شاهر: نـوفـمـبـر الـمـجـيـد بـيـن أمـجـاد الأمـس ومـعـانـاة الـيـوم

كتب/ د/ وهيبة شاهر

أيام قليلة تفصلنا عن ذكرى خالدة تحمل في طياتها عبق النضال والتحرر من الاستعمار البريطاني، ألا وهي ذكرى الجلاء، الثلاثون من نوفمبر 1967م، حين سطر الأبطال ملحمة خالدة في تاريخ الجنوب، وقدموا أرواحهم فداءً للوطن والحرية والعدالة والكرامة.

غير أن هذه الذكرى تحولت اليوم إلى محطة لمراجعة مراحل تطور الثورة الجنوبية حتى وصولها إلى نيل الاستقلال الوطني بالثلاثين من نوفمبر 1967م،

مر وطننا الجنوبي بمنعطفات حلوها ومرها، واصبح المواطن حينئذ يتمتع بالكرامة والحرية، وذلك بفضل التضحيات الجسام التي سطرها الشهداء والجرحى الميامين.. لكن هل ياترى اليوم مثلما كنا الامس اهتماما ووفاء؟! كلا لقد سيطر اولئك الذين ديدنهم الفساد والافساد في الارض لاسيما مابعد تحقيق ماتسمى بالوحدة المشؤومة

كان الأجداد يحتفلون بجلاء المستعمر البريطاني وعودة الأرض إلى أصحابها والعيش بكرامة،اذ يعاني أبناؤنا اليوم من تدهور حاد في الحياة المعيشية، وانهيار شبه كامل للخدمات، وتأخر صرف المستحقات المالية للموظفين العسكريين والمدنيين لأكثر من خمسة أشهر، حتى أصبحت الحياة ترتقي إلى مستوى الحياةغير الآدمية، واللوبي اليوم نفسه مازال مستميتا على تجويعنا حتى يصل الى مبتغاه ومفاده العودة بنا الى باب اليمن .

هناك لوبي يريد تمرير مخططاته التامرية على شعب الجنوب ظنا منه، بانه سينجح في اثنائنا عن مشروعنا الوطني التحرري،ولكن هيهات هيهات.. وتتمثل المخططات بتدمير متعمد وممنهج لمؤسسات الدولة: الكهرباء مقطوعة لساعات طويلة، المياه شحيحة وغير صالحة للشرب، الطرقات متهالكة، وحوادث السير اليومية وقوائم الضحايا دليل على ذلك. التعليم شبه منهار، والمستشفيات تعاني نقصًا في الخدمات والكادر الطبي، وانعدامًا شبه كامل للخدمات الطبية المجانية، إضافة إلى الأخطاء الطبية التي أودت بحياة الكثير من المرضى. أما الأسعار فترتفع يوميًا بسبب انعدام الرقابة والمحاسبة المستمرة.

رغم كل هذه المعاناة، تبقى ذكرى الثلاثين من نوفمبر محفورة في أذهاننا، لتذكر الجميع بأن الشعوب لا تموت، وأن جذوة الحرية التي أشعلها أجدادنا المناضلون الجنوبيين لا تنطفئ.

رسالتي للذين تولوا أمر الشعب اليوم بان الاحتفال الحقيقي بذكرى الثلاثين من نوفمبر لا يكون بالشعارات ولا بالخطاب الرنان، او بعدم الإحساس بالمسؤولية أمام معاناة المواطنين، بل بترجمة معاني النصر والجلاء إلى واقع ملموس يعيشه الناس في حياتهم اليومية، من خلال تحسين المعيشة، وصرف المستحقات المالية، وتوفير الخدمات، والاهتمام بالتعليم والصحة، ومكافحة الفساد والفاسدين الذين سولت لهم أنفسهم العبث بحق المواطن وحرمانه من العيش بكرامة، ومحاسبة القوى التي تتصارع من أجل مصالحها الخاصة ومشاريعها السياسية متناسية أن الشعب هو المتضرر والوطن هو الخاسر الأكبر.

كما قاوم الشعب الاستعمار البريطاني في الماضي، فهو اليوم قادر على مقاومة الفساد والفقر والخذلان والحرمان من حقوقه المسلوبة، أملاً في فجر جديد يعيد للوطن مكانته وللمواطن كرامته. واجبنا اليوم هو إنجاز الاستقلال المعيشي والخدمي، وتحرير المواطن من الاستعباد الاقتصادي والبؤس والحرمان، بمحاربة الفساد وطرد العابثين بمؤسسات الدولة، ليعود للوطن والمواطن هيبته وكرامته.

لم يعد ال30 نوفمبر مجرد يوم خالد لرحيل آخر جندي من المستعمر البريطاني، بل أصبح صرخة وعي ونداء ضمير، إيذانًا ببدء عهد جديد من السيادة والكرامة. وندعو الجميع إلى استلهام دروس الماضي، والتعلم من أخطاء ونجاحات الأجداد، لبناء المستقبل على أسس قوية، وتحويل المعاناة إلى قوة دافعة لاستعادة الأرض والحقوق المشروعة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة التي سالت من أجلها دماء الشهداء والجرحى.

زر الذهاب إلى الأعلى