حضرموت ترفع نقطة نظام في وجه الحكم الفاسد

بقلم / خالد سلمان
من المحافظات القليلة والمتفردة ، يتسم مواطنو حضرموت يثقاقة الدولة ،وتماسك نسيجها الإجتماعي وتراجع مركزية دور القبيلة لصالح دولة القانون ، ومع ذلك لم تحصد سوى المزيد من التهميش وروحية الإنتقاص من أبنائها، والإستعلاء على نخبها وقادتها المتمرسين، ووضعهم خارج إدارة دواليب العمل في المحافظة ، وحجب المخصصات المستحقة.
من أسخف ما يمكن أن تقرأه، إتهام حضرموت بالتمرد على الدولة ، لمجرد أنها بعد طول صبر ومعاناة رفضت توريد إيراداتها، لوعاءات ينخرها الفساد ، دون أن تمنح حضرموت موازناتها ومخصصاتها المركزية، ذات الصلة بالخدمات وبالبنى التحتية.
رفض حضرموت توريد مداخيلها للبنك المركزي ، لايعكس تمرداً، بل تصويباً لعلاقة المحافظات مع المركز ، ويعيد إلى الصدارة موضوع إحتكار أو تشاركية مثلث السلطة والثروة والقرار ، حيث ترفض حضرموت وهي موطن الثروة بشقيها البشري والطبيعي ، إزاحتها لصالح ثقب الفساد الأسود.
حضرموت ليست مأرب ، فمواردها لن تُوظف لشراء الولاءات ، وتحويل مناطق الغاز والنفط وجبايات المنافذ إلى إقطاعية مشيخية ، تضعف وتطيح بفكرة الدولة الوطن، لصالح القبيلة الوطن ، وتكرس المشيخية معادلاً للسلطة ومحتكرةً للقوة والثروة معاً.
إن أردت الحلم بمجتمع مسكون بفكر الدولة، يكفي فقط أن تنظر تاريخياً إلى حضرموت، وبالتالي هي لا تتمرد ، هي فقط تومئ بأصبعها إلى مكامن الفساد وموطن الخلل، وحقها في الشراكة بالثروة والقرار .
في الذهن الجمعي للناس في حضرموت ، الفساد والنهب خطيئة ، لذا هي كجرس تحذير ترفع نقطة نظام في وجه الحكم الفاسد .