اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
اخبار وتقارير

المحيط الهادئ على صفيح ساخن.. قراءة في صعود النفوذ الصيني والتحديات الإقليمية

النقابي الجنوبي/متابعات

في تحليل نشر على فورين أفيرز، يرسم الكاتب والمحلل الجيوسياسي الكندي والدبلوماسي السابق مايكل كوفريغ صورة مفصلة للتغيرات الاستراتيجية في المحيط الهادئ، الممتد من ألاسكا شمالًا إلى أستراليا جنوبًا، مرورًا بجزر متفرقة تشكل نقاط نفوذ حاسمة.

يشير كوفريغ إلى أن صعود الصين يغير موازين القوى الإقليمية، في وقت تقلّصت فيه الأولويات السياسية والاقتصادية والبيئية لدول الجزر الصغيرة تحت تأثير إدارة ترامب الثانية، مما يضع استقرار المنطقة على المحك. ويقدم المقال رؤية غربية حول تصاعد النفوذ الصيني في المحيطين الهندي والهادئ، في سياق التنافس الأميركي–الصيني المتزايد.

تتوقف قدرة دول الجزر على الحفاظ على توازن القوى الإقليمي أو الانزلاق نحو الصراع على خياراتها السيادية ومواقفها المستقلة. وتشمل هذه الدول الـ12 ذات السيادة مع عدة أقاليم موزعة عبر المحيط، التي واجهت منذ أوائل القرن الحالي توسعًا صينيًا مستمرًا من خلال عروض استثمار وبنية تحتية جذابة. ومع ذلك، حاولت تلك الدول حماية استقلالها وتعزيز رؤية “المحيط الهادئ الأزرق”، لكن تزايد النفوذ الصيني والضغط على مؤسساتها الديمقراطية يهدد هذه الرؤية.

أدركت الولايات المتحدة متأخرة أن النفوذ الصيني غير المراقب قد يزعزع آليات إدارة المنطقة، ويحول بعض دول الجزر إلى دول تابعة لبكين، ما يهدد إجماع المنطقة ويعقد جهود الردع الغربي، ويحد من حلفاء تايوان الدبلوماسيين. واستجابة لذلك، حاولت إدارة بايدن إعادة الانخراط عبر إستراتيجية شاملة تقدم مليار دولار مساعدات على مدار عشر سنوات، بينما أثارت خطوات إدارة ترامب الثانية مخاوف الجزر عبر تقليص التمويل وتعليق المكاتب الإقليمية للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وتعمل جزر المحيط الهادئ على موازنة النفوذ بين الصين والغرب، وتحرص على تجنب الاصطفاف الصريح، كما ظهر في اجتماع منتدى جزر المحيط الهادئ الأخير، حيث امتنع مستضيفو الحدث عن دعوة الأطراف الخارجية لتفادي الجدل حول مشاركة تايوان، مع الاعتراف المتزايد بحضور الصين كعامل إستراتيجي.

منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، تصاعدت أنشطة الصين الاقتصادية والعسكرية في المنطقة. وشملت هذه الأنشطة توقيع نحو 50 اتفاقية ثنائية، وتعزيز التعاون في مجالات المناخ، والتعليم، والتجارة، والرسم الخرائطي البحري، إضافة إلى تطوير بنية تحتية ذات استخدام مزدوج محتمل عسكريًا ومدنيًا، بما في ذلك الموانئ والمدارج الجوية.

كما ركّزت بكين على سلاسل الجزر الثلاثة الممتدة من شمال المحيط الهادئ إلى جنوبه، معتبرة إياها منصات أساسية لنشر قوتها العسكرية والسياسية، بما في ذلك توسيع وجودها في مضيق تايوان واختبار صواريخ باليستية وفرط صوتية تهدد مواقع أميركية استراتيجية مثل غوام. وفي الوقت نفسه، عززت الصين حضورها الدبلوماسي والاقتصادي، ووفرت منحًا تعليمية وبرامج تبادل ثقافي ومستشفيات عائمة، لتكريس تأثيرها في الجزر، ودفعت العديد من الدول للاعتراف دبلوماسيًا ببكين بدلًا من تايوان.

ورغم الفوائد الاقتصادية الفورية، يثير النفوذ الصيني قلقًا بشأن الحكم الرشيد، والاستدامة البيئية، والاستقلالية السياسية، وحقوق الإنسان، إضافة إلى تهديد التوازن الإقليمي. ويلاحظ مراقبون أن بعض المشاريع الصينية تواجه اتهامات بالفساد وتقديم حوافز غير أخلاقية للنخب المحلية، ما يعزز نفوذ بكين السياسي على حساب سيادة الجزر.

في المقابل، يحتاج الدعم الغربي، وخصوصًا الأميركي، إلى خطة استراتيجية تعترف باحتياجات الجزر وتحمي مؤسساتها الديمقراطية، مع الحفاظ على التوازن الهش في المنطقة. فنجاح أي سياسة في المحيط الهادئ يعتمد على احترام سيادة دول الجزر، ومراعاة مصالحها البيئية والاقتصادية، بما يضمن استقرار المنطقة ويحقق الأمن القومي الأميركي بطريقة مستدامة وفعالة.

زر الذهاب إلى الأعلى