اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

جدل سياسي في طهران.. بزشكيان بين خطاب الانفتاح وتشدد الحرس الثوري

 

النقابي الجنوبي/متابعات- فريق التحرير

 

في تطور نادر على الساحة السياسية الإيرانية، وجّه نائب مساعد الشؤون السياسية في الحرس الثوري، عزيز غضنفري، انتقادات علنية للرئيس مسعود بزشكيان، محذرا من أن تصريحاته الأخيرة قد تضر بالأمن الوطني والمصالح السياسية للبلاد.

غضنفري، الذي قلّما يوجّه ملاحظات مباشرة لرأس السلطة التنفيذية، اعتبر أن السياسة الخارجية ليست ساحة لقول “كل الحقائق” بشكل صريح، مؤكدًا أن أي خطأ لفظي لمسؤول رفيع يمكن أن يُفسر بطريقة تضر بإيران داخليًا وخارجيًا. وذكّر بأن بزشكيان كان خلال حملته الانتخابية في 2024 يقرأ من نصوص مكتوبة لتفادي الهفوات، مشددًا على أن هذا النهج بات أكثر أهمية اليوم نظرًا لحساسية المرحلة.

وجاءت هذه الانتقادات عقب تصريحات للرئيس الإيراني أكد فيها أن “الحوار لا يعني الهزيمة أو الاستسلام”، في سياق التحضير لجولة جديدة من المحادثات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة، بعد توقف المفاوضات إثر اندلاع الحرب مع إسرائيل في يونيو 2025.

– أبعاد الانقسام الداخلي

التصريحات تكشف عن تباين في الرؤى بين مؤسسة الرئاسة والحرس الثوري بشأن أسلوب إدارة الملف النووي والعلاقات الخارجية. ففي حين يسعى بزشكيان إلى صياغة خطاب انفتاحي يخفف الضغوط الدولية، يتمسك الحرس الثوري بخطاب متشدد يعتبره ضروريًا لتعزيز شروط التفاوض من موقع قوة. ويأتي هذا الجدل في سياق صراع أعمق بين مراكز القوى داخل النظام، يظهر إلى العلن كلما اقتربت طهران من استحقاق تفاوضي كبير.

-سياق دبلوماسي متشابك

بالتوازي مع الجدل الداخلي، استقبلت طهران نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، (ماسيمو أبارو)، الذي أجرى محادثات مع مسؤولين إيرانيين حول مستقبل التعاون بين الجانبين. ووفقًا لـ(كاظم غريب‌ آبادي)، مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية، ناقشت الاجتماعات آليات تعامل الوكالة مع إيران في ظل “الظروف الجديدة”، وتم الاتفاق على استمرار المشاورات.

(غريب‌ آبادي) كشف أن الوفد الإيراني قدّم “احتجاجًا شديدا” على ما وصفه بـ”تقصير” الوكالة في تحمل مسؤولياتها خلال العدوان الإسرائيلي – الأميركي الأخير، مطالبا بتصحيح السياسات التي تعتبرها طهران منحازة ضدها.

– قراءة تحليلية

تزامن الانتقادات الداخلية مع تحركات دبلوماسية خارجية يسلط الضوء على تعقيد المشهد الإيراني، فبينما يسعى بزشكيان لإظهار مرونة سياسية قبل جولة المفاوضات النووية، يضغط الحرس الثوري للحفاظ على خطاب متشدد يضع سقفًا صارمًا لأي تنازلات. أما على الصعيد الدولي، فإن استمرار التوتر مع الوكالة الذرية يعكس هشاشة الثقة بين الطرفين، ما قد يؤثر على أي اتفاق محتمل.

– علاقة معقدة بين الحرس الثوري والرئاسة

منذ تأسيس الحرس الثوري عقب الثورة الإسلامية عام 1979، اتسمت علاقته بالرئاسة بمزيج من التعاون والصدام. في عهد محمد خاتمي، برزت الخلافات بسبب توجهه نحو الانفتاح على الغرب، بينما شهد عهد أحمدي نجاد أزمات حول النفوذ الاقتصادي والسياسي. أما حسن روحاني فواجه انتقادات علنية من الحرس عقب توقيع الاتفاق النووي عام 2015، الذي اعتبره التيار العسكري تنازلًا مبالغًا فيه.

اليوم، يجد بزشكيان نفسه أمام معادلة مألوفة: محاولة بناء خطاب انفتاحي في مواجهة مؤسسة عسكرية – أمنية ترى أن التشدد هو الضمانة الأساسية لحماية المصالح الاستراتيجية لإيران، ما يجعل الانقسام الحالي امتدادًا لمسار تاريخي من الصدامات المتكررة في لحظات التفاوض الحاسمة.

زر الذهاب إلى الأعلى