اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

في مقاله علي سيقلي “عدن تشتعل.. ووزراؤنا في سبات الغيرة الحزبية”

 

علي محمد سيقلي

عدن، تلك المدينة التي علقوها كالميدالية على صدور خطاباتهم، يتركونها اليوم تئن وتحتضر، وسط أزمات خانقة وخدمات متداعية، لا تليق إلا بمدينة في طور الانقراض.

كهرباء تتصرف وكأنها هاربة من مذكرة اعتقال، ماء يأتيك بعد عمر من التوسل، شوارع محطمة كأن دبابات مرت بها ولم تعتذر، وحرّ يذيب الكرامة في صمت.

وبرغم هذا الجحيم، وزراؤنا في سبات عميق، لا يوقظهم سوى رنين المكايدات الحزبية.

الغريب في الأمر، أنك لا تسمع لهم همساً ولا تلمح لهم ظلاً إلا إذا اهتز كرسيه الحزبي، أو أُصيب أحد “الرفاق” بجرح في مشاعره السياسية. عندها فقط، ينفجر الوزير كما لو أنه عاد من رحلة تأمل صوفي في قندهار، وتراه ينظر، ويغضب، ويواسي، وينعى “زميله” المظلوم الذي مسه الضر، لكن هذا الوزير الغيور لم يمسه الظلم، ولا الكهرباء، ولا إنقطاع المرتبات، ولا الماء، ولا الذل الذي يعيشه المواطن يومياً في طوابير طويلة كعمر خيباتنا.

إحدى شخصيات الحكومة المحترمين، ممن لم نسمع لهم حس، ولا يتحرك لهم جفن أمام كل هذا الإذلال – سمع خبراً يمسّ “أحد المقربين” من دائرته المشتبه بها، ممن يفضلون المنابر للهجوم على مخالفيهم أكثر من الدعوة إلى الله، فإذا به يقيم الدنيا ولا يقعدها، وكأن الشعب لا قيمة له إلا إذا كان يحمل بطاقة حزبية صالحة للاستعمال في الشتم على المنابر والدفاع والتحريض على الأمن.
وهنا فقط، اكتشفنا أن الوزراء ليسوا موتى، بل هم “نائمون بنظام التنبيهات الحزبية”

الغيرة على عدن؟ لا وجود لها في قاموسهم. لكن الغيرة على زميل حزبي؟ تُسقط في يد الوزير، وتدفعه لتأليف الملاحم، واتهام الآخرين بالتجني، ونصب نفسه مدافعاً شرعياً عن “الدعوة” و”حرية الرأي” لا لشيء إلا لأنها صبّت في مصلحة حزبه الأم فقط.

المواطن، عليه فقط أن يصبر، ويتحمل، ويدفع، ويسكت. وإن تكلم، قيل له، “هذه ظروف استثنائية”، بينما الاستثناء الحقيقي أن ترى وزيراً يتحدث بغيرة على الوطن، لا على تياره المنتمي إليه.

لكننا، نحن الشعب، لا نُخدع، بل نقرأ ما بين السطور، ونفهم الرسائل، ونتقن الصبر حين لا يجدي الصراخ.
فالحليم تكفيه الإشارة، والمتلون، للأسف، قد يكون وزيراً للشباب والرياضة.

زر الذهاب إلى الأعلى