
وثائق ومستندات تثبت الممارسات الفاسدة في المستشفى وتبين كيفية التلاعب بالمخصصات المالية لعلاج العمال
النقابي الجنوبي /تقرير خاص
المصافي صرح شامخ وإمكانيات يتم تدميرها
عُرفت المصافي منذ تأسيسها في عام 1952م بمشفاها الذي تأسس بالتزامن معها, وكان منذ تأسيسه يزخر بأفضل الكوادر من أطباء وممرضين من الداخل والخارج وكانت تمتلك أحدث الأجهزة والمعدات, حتى على مستوى الأدوية فالأدوية التي كانت تصرف فيها غير موجودة ونادرة حتى على المستوى العربي والشرق أوسطي فاستيرادها كان يتم عن طريق بريطانيا حتى بعد جلائها عن عدن في عام 1967م , وظلت المصافي تمشي بنفس نظام المستشفيات البريطانية إلى وقت متأخر من التسعينيات من القرن المنصرم .لكن ما الذي حدث ويحدث لمستشفى مصافي عدن ؟ هل شحت الكوادر أم الأدوية أم شحت الأموال!
لماذا لم تعد تلك الإمكانيات متواجدة الآن مع أنه يتم صرف مبالغ فلكية في العلاج خارج أسوار المستشفى ,محلياً أو خارجياً ؟
في هذا العدد تفتح النقابي لجنوبي ملف قضية فساد وإفساد مستشفى مصافي عدن وحيثيات الفساد ومؤشراته, وتكشف المستور كما عودنا قراءنا الأعزاء ..
الفساد يزدهر والعلاج يتدهور
نبدأ أولا من مراحل العلاج الأولى من فحص وتشخيص ومعاينة وأشعة ..حيث يتم ارسال اغلب المرضى لعمل أشعة رنين واشعة مقطعية خارج المستشفى ,بالرغم من عراقة المستشفى فلا يوجد لديها أجهزة للأشعة .ويتم صرف مبالغ طائلة نظير ذلك ..وهذا الأمر يعد إهداراً للمال العام أولاً وتغطية على سمسرة وتعاملات فاسدة من أطراف في الإدارة في المستشفى والمصفاة ثانياً .أليس من الأولى أن يتم شراء أجهزة متطورة للفحص بدلاً من اهدار أموال طائلة .وكما هو معروف فإن المصافي كانت ترسل الحالات المصابة بأمراض خطيرة كالسرطان وخلافه للعلاج في الخارج ,لكن منذ أن اشتد عود الفساد فيها فإن يتم صرف مصاريف العلاج لكل من هب ودب بدون حتى تقارير طبية, ويتم ذلك كمساعدات مالية وكبدلات سفر ويظل المستحق الحقيقي للسفر قابعا في بيته ينتظر مصيره المحتوم ويموت من الألم والحسرة. بل أنه أحيانا قد تستخدم كوسيلة ضغط على بعض العمال والنقابيين لتقديم تنازلات أو للسكوت على ممارسات تعسفية من قبل إدارة المصفاة ضد موظفيها.
وفي الآونة الأخيرة فإن الفساد قد ازدهر وأصبح في أبهى فصوله. وأصبحت المصافي حالها كحال اخوتها من مرافق الدولة مرتعاً للفساد والمفسدين … فساداً يستشري في جميع منشآت الدولة ولا يستثني أياً منها .
لكن المصافي لها طابع خاص يعرفه الجميع في الجنوب ,وهي الآن مطمعا لأطراف فاسدة في الدولة تسعى لضمها تحت جناحها وخصخصتها ظلماً وعدواناً …حقداً وجشعاً وإمعانا في الفساد. وسط سكوت من قبل الشعب الجنوبي ,حتى أغلب العمال التي تعتبر المصافي مصدر رزقهم الوحيد ..وهذا بمثابة تهديد صريح لهم, نجدهم ساكتين لا يعلمون ماذا يحمل الغد لهم وما الذي يخطط له المتآمرون .
وثائق ننشرها لقرائنا تبين مدى العبث في آلية العلاج بالتسفير إلى الخارج خصوصا الأردن يتم بالتنسيق مع شركات ووسطاء نذكر منهم شركتا “مكة ” و “المكلا”, وتقول مصادرنا أنها تتبع للشخصية المثيرة للجدل المحاسب المدعو محمد البكري الذي هو الآن على رأس المصفاة ويسكن هو وعائلته في الأردن. حيث تدفع الشركة مبالغ طائلة لهذا الوسيط دون عقود أو عروض سعر.







وهناك وثائق لدفع الشركة مبالغ طائلة لإجراء فحوصات أشعة خارج إطار المستشفى وهذه الوثائق وإن كانت قديمة نسبياً فهي تعود لعام 2013م ,لكنها تكشف تفاصيل وآلية الفساد التي قد تفاقمت للأسف وأصبحت على مستوى أعلى وأكبر في 2019 م وقت كتابة تقريرنا هذا ,ولنا أن نتخيل كمية المبالغ المهدورة سنوياً من جراء هذه الممارسات الفاسدة والغير مسؤولة .
تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يكشف التلاعب و إدارتي المستشفى والشركة تستمران في الخروقات
وقد أورد الجهاز المركزي في 2014 م تقريرا لمراجعة لتكاليف علاج العاملين لسنة 2013م والذي جاء فيه :
“بلغ إجمالي صرفيات العلاج المحلي حتى 31/12/2013م مبلغ وقدره سبعمائة وسبعة وأربعون مليون وستمائة وسبعة عشر الف ومائتان وتسعة وثلاثون ريال (774,617,239.98) بارتفاع يقدر بتسع وثمانون مليون وتسعمائة واثنا عشر الف ومئتان وأربعة وثمانون ريال (89,912,284.74 )عن العام السابق 2012م.
وقد رأى التقرير أن تكاليف العلاج مبالغا فيها حيث أستنكر ارسال الموظفين وذويهم للعلاج بمستشفيات محلية خارج إطار المصفاة دام أن المصفاة تمتلك مستشفى خاص بها ,حيث ان مصاريف العلاج خارج المستشفى في إطار الدولة فقط بلغ 97% من أجمالي مصاريف العلاج العام بينما كانت مصاريف العلاج داخل المستشفى 3% فقط!
واستنكر أيضاً عدم وجود عقود أو عروض أسعار بين الشركة والمستشفيات المحلية الأخرى ,وهذا خرق إداري آخر في إشارة واضحة لفساد تلك التعاملات المشبوهة .
وأورد أيضاً تكاليف اجراء الأشعة المقطعية والتي تبلغ (16,350,000) ستة عشر مليون وثلاثمائة وخمسون ألف وأشعة الرنين المغناطيسي والبالغة (17,570,000) سبعة عشر مليون وخمسمائة وسبعون الف … وبإجمالي يبلغ ثلاثة وثلاثون مليون و تسعمائة وعشرون الف ريال (33,920,000 ريال) وهذا كله فقط خلال سنة 2013 فقط .ولنا ان نتخيل حجم الأموال المهدورة سنوياً بدلا من شراء تلك الأجهزة وتوفير كل تلك الأموال على المصفاة .
كما تطرق التقرير أيضاً إلى أن الشركة تقدم دعما لأشخاص لا يشملهم التأمين الطبي من خارج إطار الشركة مما يترتب عليه من تحمل الشركة لأعباء إضافية عليها, وكذلك صرف مساعدات نقدية لغير الموظفين يتم صرفها بطرق غير واضحة ..وأورد التقرير أمثلة على ذلك حيث صرفت مساعدات علاجية إما بناءا على توجيهات شفهية او فواتير شركة طيران بدون أي تقارير طبية تفيد ضرورة صرف تلك المبالغ .
واستغرب التقرير من استمرار تعامل الشركة مع مؤسسة المكلا في الأردن كوسيط بين الشركة والمستشفيات هناك حيث أنه تم تنبيه الشركة بذلك في تقارير سابقة ولم تستجب المستشفى لتلك التنبيهات.
وشدد التقرير على وجوب التزام الشركة بجميع الملاحظات السابقة بعدم ارسال حالات مرضية خاصة بعلاج العيون والعظام والمسالك البولية و أمراض أخرى للعلاج في الخارج ومخالفة للوائح بشأن العلاج الطبي في الخارج, وكذلك عدم التعامل مع المستشفيات المحلية إلا من خلال عقود و عروض سعر, وتقليص أعداد المرضى من خارج الشركة وتحميل التكاليف الخاصة بالعلاج بدون المساعدات النقدية حتى يتم إظهار الحساب على حقيقته.
وطلب التقرير إلغاء التعامل مع الوسطاء بين الشركة والمستشفيات في الأردن ,وإعادة تقييم التعامل مع المستشفيات في الخارج ,وإحالة طلبات العلاج إلى وزارة المالية وعدم صرف تكاليف العلاج في الخارج إلا وفقا لتقارير طبية معتمدة من اللجنة الطبية التابعة للشركة.”






ويستمر العبث عاماً بعد عام ,وفصلا بعد آخر في المصفاة عامة والمستشفى خاصة … ويبقى السؤال التالي مطروحاً …”إلى متى سيستمر ‘هدار المال العام والعبث بمقدرات الوطن ؟ ومتى ستفتح هذه الملفات أمام القضاء لمحاسبة كل الفاسدين.”