زولجنسما … العلاج الذي ينقذ حياة الأطفال ويثير جدلاً عالميًا حول تكلفته الباهظة

كتب / رائد عفيف
عندما يولد طفل يحمل في جيناته حكماً مسبقاً بالموت، يصبح الأمل في الحياة أغلى من أي شيء. يعاني الأطفال المصابون بضمور العضلات الشوكي، وهو مرض وراثي نادر يصيب واحداً من كل 10 آلاف طفل، من خطر الموت قبل بلوغهم العامين إذا لم يُعالجوا. هنا يظهر “زولجنسما”، العلاج الطبي الذي يمكنه تغيير مصير هؤلاء الأطفال بجرعة واحدة فقط. لكن سعر هذه الجرعة باهظ ولا تستطيع الأسر توفيرها لأولادهم.
*انتشار المرض وخطورته*
يُعدّ ضمور العضلات الشوكي من أكثر الأمراض الوراثية خطورة، إذ يترك ضحاياه بلا أمل إذا لم يتم علاجهم. الإحصاءات الصادمة تشير إلى أن حوالي 90%100 من الأطفال المصابين بهذا المرض يفقدون حياتهم قبل بلوغ العامين. هذا الواقع المأساوي يجعل من “زولجنسما” أملًا نادرًا في قلب المأساة.
*كيف يعمل زولجنسما؟*
“زولجنسما”، المنتج من قبل شركة نوفارتس (Novartis)، يُحدث ثورة في مجال الطب الدقيق، حيث يعتمد على استهداف الطفرات الجينية المسؤولة عن المرض. العلاج يتم عبر جرعة واحدة تُحقن عن طريق الوريد، وتستهدف الجين المعيب لتعيد له وظيفته الطبيعية. هذه التكنولوجيا المتقدمة ليست مجرد علاج، بل أداة لإعادة الحياة.
*التحديات المالية وأسباب ارتفاع التكلفة*
يُعد “زولجنسما” العلاج الأغلى عالميًا، حيث تبلغ تكلفة الجرعة الواحدة 2.1 مليون دولار. الأسباب وراء هذا السعر المذهل تتراوح بين التكاليف الباهظة لأبحاث التطوير الجينية، وتصنيع الدواء بتقنيات عالية الدقة، وندرة الحالات التي تجعل هذا الدواء مخصصًا لفئة صغيرة جدًا من المرضى. وبالرغم من ذلك، فإن الأمل الذي يمنحه هذا العلاج يجعل الأسر ترى فيه طوق النجاة الوحيد.
*دور المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية*
لا يمكن تجاهل الأبعاد الإنسانية لهذا العلاج، إذ يفرض تحديات كبرى تتعلق بالعدالة الصحية. دور منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي أساسي لضمان وصول هذا العلاج للأسر المتضررة. يمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء صناديق دعم، والتعاون مع شركات الأدوية مثل نوفارتس لتخفيض الأسعار، وجعل هذا الحل المبتكر متاحًا للفئات الأقل قدرة.
*رسالة أمل*
إنقاذ حياة الأطفال ليس خيارًا بل مسؤولية إنسانية
قد يمثل “زولجنسما” أعظم أمل لعائلات الأطفال الذين يواجهون مرض ضمور العضلات الشوكي، لكنه يطرح في الوقت نفسه تحديًا عالميًا لإعادة تعريف مفهوم العدالة الصحية. إن تكلفة العلاج الباهظة لا يجب أن تكون عائقًا أمام حياة إنسان، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالأطفال. يجب أن تتحد الجهود بين الحكومات، المنظمات الدولية، وشركات الأدوية لضمان أن يكون هذا العلاج، وكل إنجاز طبي مستقبلي، في متناول كل من يحتاجه. فالحياة أثمن من أن تُحدد بقيمة مادية، والأمل أقوى من أن يُعيق طريقه المال.
لا يجب أن يبقى زولجنسما رمزًا للأمل المفقود بل قدوة للإنجاز المشترك في مواجهة أصعب التحديات الإنسانية.