راجولينا يغادر مدغشقر تحت ضغط الشارع.. من هو الرئيس المثير للجدل؟

النقابي الجنوبي/خاص
غادر رئيس مدغشقر أندري راجولينا بلاده على متن طائرة عسكرية فرنسية بعد أسابيع من احتجاجات عارمة اجتاحت العاصمة وعددًا من المدن، في خطوة وُصفت بأنها “عملية إجلاء” بتنسيق فرنسي غير معلن، لتدخل الجزيرة مرحلة سياسية غامضة، وفق ما أورد راديو فرنسا الدولي.
وُلد أندري نيرينا راجولينا في 30 مايو 1974 بمدينة أنتسيرابي، وبدأ مشواره المهني في عالم الإعلام والإعلانات قبل أن ينتقل إلى السياسة مطلع الألفية، بحسب صحيفة لوموند الفرنسية.
من الإعلام إلى السلطة
في عام 2007، انتُخب راجولينا رئيسًا لبلدية العاصمة أنتاناناريفو ممثلًا عن حزب “الشباب المالغاشي المصمم” (TGV). وبعد عامين فقط، قاد حركة سياسية أطاحت بالرئيس مارك رافالومانانا في أزمة عام 2009 التي وُصفت بأنها انقلاب عسكري، فتولى رئاسة “السلطة الانتقالية” حتى عام 2014.
عاد لاحقًا إلى المشهد السياسي وفاز في انتخابات 2018، ثم جدد ولايته في نوفمبر 2023 وسط اتهامات واسعة بالتزوير وتدهور الأوضاع الاقتصادية. كما واجه انتقادات حادة عقب الكشف عن حصوله على الجنسية الفرنسية عام 2014، وهو ما اعتبره خصومه انتهاكًا للدستور الذي يمنع ازدواج الجنسية لشاغلي المناصب السيادية.
احتجاجات الغضب الشعبي
منذ أواخر سبتمبر 2025، تفجرت موجة احتجاجات غير مسبوقة قادها الشباب في العاصمة وعدة مدن، رفضًا لتدهور المعيشة والانقطاعات المتكررة في الكهرباء والمياه، وارتفاع معدلات الفساد وتراجع الخدمات.
الحراك، الذي بات يُعرف باسم “جيل زد مدغشقر”، توسّع سريعًا ليشمل شرائح مختلفة من المجتمع، من طلاب وعمال ونشطاء مدنيين، مطالبين برحيل راجولينا. ومع اتساع رقعة التظاهرات، بدأت الانقسامات تطفو داخل الجيش، بعد إعلان وحدات من النخبة – بينها قوات الكوماندوز “كابسات” – انحيازها للمحتجين، ما عجّل بانهيار القبضة الأمنية للنظام.
الإجلاء المثير للجدل
في 12 أكتوبر 2025، نقلت إذاعة RFI أن الرئيس راجولينا أُخرج من البلاد عبر طائرة عسكرية فرنسية من مطار أنتاناناريفو، بعد فقدان السيطرة الأمنية حول القصر الرئاسي. ورغم نفي باريس الرسمي لأي تدخل، تحدثت مصادر عن علم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالعملية، التي وُصفت بأنها خطوة “لتجنب انزلاق البلاد إلى العنف”.
مدغشقر أمام مفترق طرق
عقب مغادرته، أعلن الجيش حالة الطوارئ، وتولى الجنرال روبين فورتونات زافيسامبو – الذي عيّنه راجولينا قبل أيام رئيسًا للوزراء – تسيير شؤون البلاد مؤقتًا. غير أن الشارع لم يهدأ، إذ يطالب المتظاهرون بحكومة مدنية انتقالية وانتخابات حرة، معتبرين أن النظام الحالي فقد شرعيته.
ويرى مراقبون أن الأحداث الأخيرة قد تعيد مدغشقر إلى دوامة الانقلابات التي طبعت تاريخها السياسي منذ الاستقلال، فيما يحذر آخرون من أن الفراغ القائم قد يفتح الباب لتدخلات خارجية في بلد يرزح أصلًا تحت ضغوط اقتصادية واجتماعية خانقة.