اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
تحقيقات

الجنوب بين جراح الحرب وآفاق البناء.. بجهود الرئيس القائد “الزُبيدي”.. الإمارات تدعم مسيرة التعافي والتنمية

 

النقابي الجنوبي/خاص

في خضم المشهد الدموي الذي فرضته مليشيات الحوثي على أرض الجنوب منذ انقلابها على السلطة في سبتمبر 2014م، عاشت العاصمة عدن وبقية المحافظات الجنوبية سنوات عصيبة من الصراع والمعاناة.

فقد واجه المواطن الجنوبي أزمات متلاحقة شملت انقطاع الخدمات وانهيار مؤسسات الدولة وغياب الأمن في ظل محاولات المليشيات فرض مشروعها بالقوة والسلاح إلا أن الجنوب لم يستسلم، وخاض معارك شرسة دفاعًا عن العيش بكرامة حتى جاءت اللحظة الفاصلة في 26 مارس 2015م حين قرر التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة التدخل لوضع حد لتمادي الحوثيين، وإعادة بوصلة الحق إلى أصحابها.

كان ذلك التاريخ نقطة تحول محورية غيرت موازين القوى في المنطقة إذ انطلقت من سماء الجنوب مرحلة جديدة حملت معها أشكال الدعم المختلفة من حماية عسكرية وإسناد سياسي ومبادرات اقتصادية وإنسانية ومنذ ذلك اليوم، بدأ الجنوبيون مع التحالف العربي رحلة بناء قواعد الدولة وتعزيز مؤسساتها الأمنية والعسكرية واستعادة الأمل في مستقبل واعد.

الدعم الإماراتي في مساندة الجنوب

برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كأحد أبرز أركان التحالف العربي إذ لعبت دورًا محوريًا في دعم الجنوب عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا فعلى الصعيد العسكري ساهمت في تدريب وتجهيز القوات الجنوبية التي تمكنت من تحرير مساحات واسعة من سيطرة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية وعلى الصعيد السياسي دعمت الإمارات الجنوبيين في المحافل الإقليمية والدولية مؤكدة حقهم في استعادة دولتهم والعيش بسلام وأمان.

أما على الصعيد الاقتصادي والخدمي فقد تركت بصمات بارزة في إعادة إعمار عدن وبقية المحافظات الجنوبية من خلال مشاريع تنموية وإنسانية طالت مختلف القطاعات.

مشاريع استراتيجية في قطاع الكهرباء

يبرز أهم أوجه الدعم الإماراتي للجنوب من خلال المشاريع الاستراتيجية في قطاع الطاقة المتجددة ففي خطوة تعكس اهتمام القيادة السياسية بالبنية التحتية وتكريس الرئيس القائد “الزُبيدي” علاقاته مع قادة الدول لخدمة مصالح شعبه دشّن الرئيس القائد “عيدروس الزُبيدي” رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ومعه رئيس الوزراء (سالم بن بريك) وسعادة (محمد حمد الزعابي) سفير دولة الإمارات لدى بلادنا ومحافظ عدن، المرحلة الثانية من محطة عدن للطاقة الشمسية في منطقة بئر أحمد.

هذه المرحلة ستضيف 120 ميجاوات جديدة إلى القدرة التشغيلية للمحطة، لترتفع طاقتها الإنتاجية إلى 240 ميجاوات عند اكتمال المشروع في عام 2026م.

ويُعد هذا المشروع نقلة نوعية يهدف إلى تخفيف معاناة المواطنين في العاصمة خصوصًا في فصل الصيف القاسي مع خطط مستقبلية لتعميم التجربة في محافظات أخرى.

وبهذه المناسبة عبّر الرئيس “الزُبيدي” عن تهانيه لأبناء العاصمة عدن بمناسبة تدشين المرحلة الثانية من المشروع الاستراتيجي، الذي سيضيف 120 ميجاوات إلى المحطة السابقة، معربًا عن شكره وتقديره للدعم الأخوي اللامحدود الذي تقدمه دولة الإمارات الشقيقة لبلادنا في قطاع الطاقة والقطاعات التنموية الأخرى بإشراف مباشر من سمو الشيخ (محمد بن زايد آل نهيان)، رئيس الدولة.

وأضاف الرئيس “الزُبيدي”: “في هذا اليوم البهيج، دشّنا العمل في محطة الطاقة الشمسية بمحافظة شبوة بقدرة إجمالية تبلغ 53 ميجاوات كما وضعنا حجر الأساس للمرحلة الثانية من توسعة محطة الطاقة الشمسية بالعاصمة عدن.

من جانبه، أكد سعادة السفير (محمد الزعابي) أن اعتماد المرحلة الثانية لمحطة الطاقة الشمسية في العاصمة عدن أتى بتوجيهات كريمة من صاحب السمو الشيخ (محمد بن زايد آل نهيان)، معربًا عن شكره لكل الجهات التي ساهمت في إنجاح المشروع في مرحلته الأولى.

وأوضح (علي الشمّري) العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة «جلوبال ساوث يوتيليتيز»، أن المشروع في مرحلته الثانية سينجز قبل حلول الصيف القادم مشيرًا إلى أن الشركة ستواصل جهودها في مساندة بلادنا في قطاع الطاقة، إيمانًا منها بأن الطاقة هي عصب الحياة والتنمية في كل البلدان.

وفي ذات المضمار وفي سياق التأكيد أن مدن الجنوب تقف على مسافة واحدة في برنامج أولويات الرئيس القائد “الزِبيدي” وتحتل ذات المكانة والأهمية وذات البعد الاستراتيجي شكل افتتاح الرئيس القائد “عيدروس قاسم الزُبيدي” رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ومعه سعادة (محمد حمد الزعابي) سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى بلادنا مشروع محطة شبوة للطاقة الشمسية في مدينة عتق إيذانًا بدخولها الخدمة بطاقتها الكاملة البالغة 53 ميجاوات إنجازا تنمويا حيويا ورافدا اقتصاديا هاما توفر الكهرباء النظيفة لنحو 330 ألف منزل. في شبوة ومديرياتها الست: الصعيد، المصينعة، جردان، نصاب، مرخة، وحبان.

أبعاد بيئية وتنموية

لا تقف أهمية هذه المشاريع عند حدود الطاقة الكهربائية فحسب بل تمتد إلى أبعاد بيئية واقتصادية استراتيجية فمن المتوقع أن تولد محطة شبوة نحو 118,642 ميجاوات/ساعة من الكهرباء النظيفة سنويًا، وأن تسهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 62,727 طنًا سنويًا وهو ما يعادل الانبعاثات الناتجة عن عشرات الآلاف من السيارات.

كما يضم المشروع بنية تحتية متكاملة تشمل تركيب 85,644 لوحًا شمسيًا، وست محطات تحويلية، ومبنى للتحكم والمراقبة المركزية إضافة إلى خط نقل هوائي بطول 15 كيلومترًا يربط المحطة بالشبكة الوطنية عبر 51 برجًا.

هذا الاستثمار في الطاقة النظيفة لا يوفر الكهرباء فحسب، بل يفتح آفاقًا أوسع للتنمية الاقتصادية المحلية من خلال توفير بيئة مستقرة للمشاريع التجارية والصناعية.

في مقاله د. (صدام عبدالله) يتناول المشهد من زوايا مختلفة قائلا “إنه بفضل أيادي الخير من خلال تدشين مشاريع الطاقة الشمسية في عدن وشبوة الذي يمثل نقطة تحول تاريخية ورمزا للاستقرار والتنمية. وهذه المشاريع هي ثمرة المشروع الوطني الجنوبي الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد “عيدروس الزُبيدي” بالشراكة مع حليف استراتيجي ووفي مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأشار إلى “الدعم الإماراتي الذي يمتد مستقبلا ليشمل مجالات متعددة مثل الصحة والتعليم، ويؤكد أن الإمارات ليست مجرد حليف سياسي بل هي سند إنساني وتنموي يسعى بصدق لخير واستقرار الجنوب”.

وأضاف د. (صدام) في مقاله أن هذه المشاريع ليست نهاية المطاف بل هي بداية مسيرة طويلة نحو تحقيق الاكتفاء الطاقوي مستقبلا والتنمية المستدامة، وبناء دولة جنوبية حديثة قادرة على احتضان المشاريع العملاقة وتحقيق مستقبل مشرق لأبنائها.

شبوة.. خاصرة الجنوب ورهان المستقبل

تعد محافظة شبوة خاصرة الجنوب مركزًا استراتيجيًا يتوسط المحافظات الست فضلًا عن كونها أحد أكبر الروافد الاقتصادية بفضل مخزونها النفطي والغازي والمعادن المتنوعة مثل الزنك والفضة والرصاص ورمل الزجاج والفلسبار.

وشهدت المحافظة أحداثًا متقلبة جعلتها مطمعًا للمليشيات الحوثية لكنها في الوقت نفسه تظل ركيزة أساسية لبناء اقتصاد جنوبي متين.

إلى جانب ثرواتها الطبيعية تمتلك شبوة إرثًا حضاريًا ومعالم تاريخية بارزة من بينها مدينة ميفعة التاريخية التي تعكس عراقة حضارة الجنوب وتؤكد أنه إلى جانب ثرواته الاقتصادية يملك رصيدًا ثقافيًا وحضاريًا قادرًا على جذب الاستثمار والسياحة مستقبلًا.

الإمارات.. عقد من العطاء في الجنوب

على مدى أكثر من عشر سنوات وضعت الإمارات بصمات مضيئة في مختلف محافظات الجنوب من بناء المدارس والمستشفيات والموانئ والمطارات إلى دعم المؤسسات الأمنية والعسكرية وصولًا إلى مشاريع الطاقة المتجددة.

لم يقتصر عطاؤها على الدعم المادي فحسب بل شمل أيضًا الدعم الإنساني والإغاثي عبر هيئة الهلال الأحمر الإماراتي التي نفذت مئات المشاريع في مجالات الصحة والتعليم والغذاء.

هذه الجهود تعكس متانة العلاقة التاريخية بين الجنوب والإمارات والتي تعود جذورها إلى عقود طويلة من التلاحم والتعاون. علاقة لا تقوم فقط على المصالح الآنية بل تمتد إلى شراكة استراتيجية عميقة في مواجهة التحديات وبناء المستقبل.

نحو مستقبل مستدام

إن ما تشهده محافظات الجنوب اليوم من مشاريع استراتيجية في قطاع الكهرباء والطاقة النظيفة ليس سوى خطوة أولى على طريق طويل نحو التنمية المستدامة.

فإلى جانب معالجة أزمة الكهرباء التي عانى منها المواطن لعقود تفتح هذه المشاريع الباب أمام تحول اقتصادي شامل يخلق فرص عمل جديدة ويشجع الاستثمارات ويضع الجنوب على خارطة الدول التي تراهن على الطاقة المتجددة.

وفي ظل استمرار التحديات الأمنية والسياسية يبقى الرهان الأكبر على قدرة الجنوبيين في التمسك بخياراتهم الوطنية وعلى استمرار دعم الأشقاء في التحالف العربي وفي مقدمتهم دولة الإمارات التي أثبتت بالأفعال قبل الأقوال أنها شريك صادق في مسيرة التحرير والبناء.

لقد دفع الجنوب ثمنًا باهظًا في مواجهة مليشيات الحوثي لكنه اليوم يقف على أعتاب مرحلة جديدة من البناء والتعافي. ومع مشاريع الطاقة الشمسية في عدن وشبوة ومبادرات إعادة الإعمار في مختلف المحافظات تتجسد ملامح مستقبل أكثر استقرارًا وإنصافًا.

إنها قصة صمود شعب وإرادة قيادة وشراكة استراتيجية مع أشقاء صادقين تُكتب فصولها اليوم لتكون شاهدًا على أن الجنوب رغم جراحه قادر على النهوض من بين الركام ليبني دولته الحديثة على أسس من العدالة والتنمية المستدامة.

زر الذهاب إلى الأعلى