اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
أهم الأخبار

شبكات التهريب وتخادم الحوثي والإخوان .. الجنوب في مواجهة حرب خفية

عمليات أمنية تُفكك خطوط الإمداد وتكشف تنسيقًا خفيًا لاستهداف الاستقرار في الجنوب

شبكات التهريب وتخادم الحوثي والإخوان .. الجنوب في مواجهة حرب خفية

عمليات أمنية تُفكك خطوط الإمداد وتكشف تنسيقًا خفيًا لاستهداف الاستقرار في الجنوب

النقابي الجنوبي/تقرير/خاص

تتواصل جهود القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الجنوبية في التصدي لما بات يُعرف بـ”الحرب الخفية” التي تخوضها قوى معادية ضد الجنوب، عبر أدوات ناعمة ولكن مميتة، من بينها شبكات التهريب المنظم للأسلحة والذخائر. وفي واحدة من هذه المواجهات الصامتة، سجّلت قوات الحزام الأمني في محافظة أبين، مطلع أغسطس الجاري، إنجازًا أمنيًا جديدًا تمثل في ضبط شاحنة محمّلة بكميات كبيرة من الذخائر، كانت في طريقها إلى مناطق تسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية.

الواقعة.. ضبط في نقطة شقرة

العملية نُفذت على الشريط الساحلي الشرقي لمحافظة أبين، وتحديدًا في نقطة التفتيش الواقعة بمثلث شقرة. ووفقًا لما أكده العقيد مهدي حنتوش، قائد قوات الحزام الأمني بقطاع الساحل، فإن القوات تمكنت من ضبط شاحنة نوع “جانبو” تحتوي على خمسين حقيبة ذخيرة، جرى إخفاؤها داخل خزاني الديزل الخاصين بالشاحنة، في محاولة لتمويه حمولتها.

وأوضح العقيد حنتوش أن التحقيقات الأولية كشفت أن الشاحنة كانت في طريقها إلى مناطق تابعة للحوثيين في محافظة تعز اليمنية، في دلالة واضحة على حجم المخاطر الأمنية التي تتجاوز حدود المحافظات الجنوبية، ومرور التهريب عبر نقاط حساسة يُفترض أنها خاضعة للرقابة.

وأكد حنتوش أن السائق ومرافقه تم ضبطهما في الحال، والتحفظ عليهما وتسليمهما مع المضبوطات إلى الجهات المختصة لاستكمال التحقيقات واتخاذ الإجراءات القانونية.

أنماط تهريب متكررة.. والأساليب تتطور

هذه العملية ليست استثناءً، بل تأتي في سياق سلسلة من الضربات الأمنية التي حققتها الأجهزة الجنوبية خلال الأسابيع الأخيرة. فقد تمكّنت وحدات الأمن في محافظات عدّة من ضبط شحنات مهربة كانت في طريقها إلى معاقل الحوثيين، بعضها كان مموهًا داخل شاحنات تجارية، وأخرى استخدمت طرقًا فرعية نائية.

وتكشف طبيعة هذه المحاولات عن تطوّر متزايد في أساليب التهريب، بدءًا من استخدام حاويات مخصصة للتزود بالوقود كوسيلة لإخفاء الذخائر، وصولًا إلى اختيار توقيتات ومسارات نائية بعيدة عن أنظار الرقابة الرسمية.

تلك التطورات لا تشير فقط إلى الخطر، بل إلى وجود شبكة منظمة تُجيد تمويه تحركاتها، وتُراهن على الثغرات في جغرافيا الجنوب الممتدة والمعقدة.

من ينسّق؟ تحقيق في “التحالف الخفي”

بعيدًا عن الحدث المباشر، تسلط هذه الوقائع الضوء على سؤال أخطر: من يقف خلف هذه الشبكات؟
مصادر ميدانية وتحليلية تربط بين جماعة الحوثي وفصائل إخوانية تنشط في مناطق خارج السيطرة الجنوبية، وتحديدًا في أجزاء من مأرب وتعز. هذا التنسيق، وإن لم يُعلَن رسميًا، إلا أن مسارات التهريب تكشف بوضوح عن تخادم أمني ولوجستي يُسهّل مرور الشحنات من مناطق الإخوان إلى معاقل الحوثيين عبر الجنوب.

وبحسب مصادر أمنية جنوبية، فإن بعض طرق التهريب التي تم رصدها خلال الفترة الماضية، كانت تمر عبر مناطق تسيطر عليها تشكيلات مرتبطة بالإخوان المسلمين، ما يعزز الفرضية بأن التهريب يتم برعاية سياسية وأمنية مشتركة، وليس مجرد نشاط منفصل.

التهريب كأداة حرب: الجنوب في مرمى الفوضى

ما يحدث ليس مجرد “تهريب ذخائر” في سياق الجريمة المنظمة، بل يدخل ضمن أدوات الحرب غير المعلنة التي تستهدف الجنوب. فالسلاح المُهرّب لا يُستخدم بالضرورة في الجبهات التقليدية، بل يُخزّن لتفجير بؤر توتر أمنية داخل مدن جنوبية في توقيتات مدروسة، أو يُسلَّم لخلايا نائمة يتم تجهيزها لضرب الاستقرار من الداخل.

تهدف هذه الحرب الناعمة إلى إنهاك الأجهزة الأمنية، وتفريغ الانتصارات العسكرية الجنوبية من مضمونها، عبر إشغال الجنوب بملفات أمنية داخلية تشكّل استنزافًا مستمرًا للجهد والموارد.

يقظة الجنوب.. جدار صد أمام الخطر المركّب

رغم حجم المخاطر، تُثبت النجاحات الأمنية المتواصلة أن الجنوب قادر على حماية جبهته الداخلية، وعدم ترك أي ثغرة يمكن استغلالها لإعادة الفوضى. فالتعاطي الجاد مع ملف التهريب بوصفه أداة رئيسية في المعركة، يعكس وعيًا استراتيجيًا يتجاوز حدود الحدث العابر.

هذه العمليات الناجحة ترسل رسالة واضحة: الجنوب لن يكون ممرًا للتهريب ولا ساحة لتصفية الحسابات. والمؤسسة الأمنية الجنوبية، رغم التحديات، أثبتت جاهزيتها لرصد ومجابهة أشكال الحرب المعقدة، عبر أدوات تحقيق ورصد وتنسيق ميداني فعّالة.

الجنوب بين الوعي الأمني والمواجهة المستمرة

في ظل التنسيق الخفي بين الحوثيين والإخوان، تزداد الحاجة إلى تكثيف الجهود الأمنية والاستخباراتية، وتعزيز دور المجتمعات المحلية في الإبلاغ والتعاون. إن ما يجري من محاولات لاختراق الجنوب عبر سلاح التهريب هو جولة أخرى في حرب طويلة، لكنها جولة تخسرها القوى المعادية بفضل يقظة الجنوب، واستباقه لما يُخطط له في الظل.

يبقى الرهان على استمرار هذه الروح الاستباقية، وعلى وعي الجنوبيين بأن الاستقرار ليس مجرد حالة مؤقتة، بل معركة دائمة تستحق أن تُخاض بكل الوسائل.

زر الذهاب إلى الأعلى