في حضرة الإبادة، تنطق الكلمات من تحت الركام

اعداد وتحرير/ بسمة نصر
في زمن يصمت فيه العالم عن المجازر، تصبح الكلمة الفلسطينية آخر الأصوات الصادقة. في غزة، حيث يقصَف الحجر وتغتال الحقيقة، يقف الكتاب والأدباء في مواجهة الموت، لا بالسلاح، بل بالكلمة، يسجلون ويروون، لا ترفا، بل نجاة.
من السخرية إلى الدم

أكرم الصوراني، صاحب السخرية اللاذعة، وجد نفسه عاجزا عن الضحك وسط الإبادة. تحولت كلماته من نصال ضد الخذلان إلى جراح تنزف دما على الورق: “في غزة دب الموت.. في غزة صفينا على الأسفلت”. في زمن الحرب، تصبح اللغة سلاحا، ومتنفسا وحيدا للنجاة من تحت الأنقاض.
من الولادة إلى الفقد

الشاعرة آلاء القطراوي، التي فقدت أبناءها الأربعة، كتبت من عمق الألم: “تحولت كلماتي من محاولة للضوء، إلى صراخ في عتمة لا آخر لها”. لم تعد تكتب للجوائز، بل لتظل على قيد الحكاية، كمن يحاول النجاة بشهقة بين قصفين.
قصائد من الرماد

محمد أبو زريق كتب قصائده من خيم النزوح لا من شرفات البحر، بلغة صلبة تعكس واقعا لا يترك متسعا للرومانسية. أما كفاح الغصين، فوثقت الحرب في ديوانها الجديد بلغة مطحونة بالدمار والموت، كتبت “من أطلال الرماد، بروح مزقتها همجية المحتل”.
لغة الناجين

الكاتب حسن القطراوي كتب بلغة “من يعرف أن كل جملة قد تكون الأخيرة”، وأدبه صار أداة بقاء في وجه محاولات محو الذاكرة. “صارت لغتي عارية، بلا مواربة، كأنها تتنفس عبر أنين الأحياء”.
أن تكتب من داخل الخندق

الكاتبة رشا فرحات، التي وثقت الإبادة بكلمات شهيدها رفعت العرعير، تقول: “لم تعد الكتابة ترفا، بل فعل نجاة. أكتب من الجرح، لا من خارجه. كل حرف كان قطعة من قلبي”. الكتابة عندها صارت مقاومة، لا مجرد حكاية.
في غزة، لا يكتب الأدب من أجل الجمال، بل من أجل البقاء، والكتاب ليسوا مؤلفين، بل شهود عيان على مجازر صامت عنها العالم. إنهم يكتبون ما لا يريد العالم قراءته، وما لا تتحمله خوارزميات الصمت.