21 يوليو… تاريخ لا يروى، بل يصنع.

✍️ إعداد وتحرير: بسمة نصر
في سجل الزمان، لا يعد هذا اليوم مجرد رقم في تقويم الأمم، بل علامة فارقة مرت خلالها الشعوب من الهزيمة إلى المقاومة، ومن التبعية إلى البناء.
هنا، تقاطعت الخيانات السياسية مع الثورات الشعبية، وانكشفت حيل القوى الكبرى تحت عباءة المعاهدات، بينما كانت بعض الدول تحاول أن تخط مسارا مستقلًا على خريطة التاريخ.
في هذه الجولة، نفتح أرشيف هذا اليوم المليء بالتحولات الكبرى، ونقرأ ما بين سطوره التي لا تزال ترسم حاضرنا بمداد الأمس.
– معاهدات حفظت إمبراطوريات وأضعفت أخرى
🔹 معاهدة باساروفجا (1718)

🔹 معاهدة كوجوك كينارجه (1774)

في الظاهر، كانت اتفاقيات سلام، لكن جوهرها يكشف عن توازنات مختلة فرضها المنتصر.
ففي باساروفجا، تراجعت حدود الدولة العثمانية في البلقان، بينما مهدت كوجوك كينارجه الطريق أمام روسيا القيصرية للتدخل في الشأن العثماني، عبر بوابة “حماية الأقليات المسيحية”.
– رؤية معاصرة: يتكرر المشهد نفسه في عصرنا… حين تتحول الأقليات إلى ذريعة لتدخل القوى الكبرى في الدول الضعيفة.
—
– معركة إمبابة: المماليك ينهارون أمام الحداثة المدججة

1798 – خلال الحملة الفرنسية على مصر، تلقّى المماليك هزيمة قاسية في معركة إمبابة على يد نابليون بونابرت.
ورغم الطابع العسكري للحدث، فقد كان بداية تحول عميق: دخول مصر في حقبة جديدة من المواجهة مع “الحداثة الغازية”، بكل ما حملته من علوم وقهر.
—
ثورات التحرر العربي: سوريا ترفع راية العصيان

📆 21 يوليو 1925 – اندلاع الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش ضد الاحتلال الفرنسي.
شكلت الثورة لحظة وعي سياسي تجاوز الإطار المحلي، لتصبح أيقونة في تاريخ الحركات الوطنية بالمنطقة العربية.
– ما أشبه الأمس باليوم، حين تظل الشعوب بين مطرقة الاحتلال وسندان التجاهل الدولي.
—
– مصر تصنع مجدها بين الكهرباء والصورة
1960 – أطلق التلفزيون المصري أول بث رسمي له، في خطوة عززت القوة الناعمة للبلاد.

1970 – اكتمال بناء السد العالي بعد 11 عاما من العمل، كأكبر مشروع تنموي في المنطقة العربية آنذاك.

– في نفس هذا اليوم، جمعت مصر بين السيطرة على الموارد، والسيطرة على الرواية.
—
امرأة تحكم العالم… قبل نصف قرن
– سريلانكا، 1960 – صعدت سيريمافو باندرانايكا إلى رئاسة الحكومة، لتصبح أول امرأة في العالم تتولى منصب رئيس وزراء.

سابقت بذلك ديمقراطيات غربية كبرى، وفتحت الباب أمام حضور نسائي في ميدان الحكم والسياسة.
— من باساروفجا إلى السد العالي، ومن ثورة الأطرش إلى أول امرأة تتولى رئاسة حكومة في العالم، تتوزع أحداث 21 يوليو على خارطة العالم كأنها دروس متكررة في السيادة، والمقاومة، والنهضة.
وفي كل محطة من هذا اليوم، تظهر الشعوب وكأنها تخوض صراعا واحدا ضد التهميش أو الاحتلال أو النسيان.
قد تتغير الأسماء والأعلام، لكن جوهر المعركة يبقى كما هو:
من يملك القرار؟ ومن يروي القصة؟
لذلك، لا عجب أن يعود هذا التاريخ مرة بعد أخرى، ليذكرنا أن الحرية لا تمنح… بل تنتزع، والكرامة لا تعلن… بل تبنى.