بعسسة.. الكرامة السياسية… للبيع

علي محمد سيقلي
في سوقنا العظيم، حيث تباع القيم على قفى من يشيل، وجدت لافتة كبيرة كتب عليها:
معرض الكرامة
اقتربت من البائع، سألته:
– بكم الكرامة يا عم؟
ابتسم وقال:
– والله اليوم عندنا عرض، خذ لك اثنتين وادفع ثمن واحدة، وعليها وعود مجانية بنظام “التكعيف”
أمسكتُ واحدة من تلك الكرامات، قلبتها بين يدي، فوجدتها منتهية الصلاحية، متهالكة الأطراف كعملتنا الرخيصة رخص التراب، ومختومة بختم: “الجمهورية اليمنية “استعمال لمرة واحدة”.
سألت البائع:
– وهذه الأحلام السياسية المجمدة في الثلاجة، بكم الكيس؟
قال:
– الأحلام توزع مجانًا مع كل خطاب رسمي لمعاليه، بس انتبه تذوب عليك قبل ما توصل بيتك.
وفي الزاوية الأخرى، كان هناك قسم خاص ببيع المواقف:
موقف مبدئي وموقف وطني، وموقف “تيري بيري”…
سألتهم عن الفرق، فقالوا لي:
– الموقف المبدئي أغلى من الدولار لأنه نادر، والموقف الوطني عليه ضريبة إسمها الزكاة والدجل، أما الموقف الأخير… فهذا أرخص شيء، يتبدل مع الطقس السياسي، وبأوامر لا تخفى على عاقل.
مشيت بين الدكاكين، رأيت زعيما بحجم الخرتيت، يبيع صبر الشعب بالكيلو، ومسؤولا آخر يوزع وعودا مستعملة، وآخر يبيع خرائط لأوطان لا تظهر إلا في الصور.
ضحكت حتى دمعت عيناي، .. قلت في نفسي:
يا ابن آدم، لو كانت الكرامة تشترى، لكان الشعب أول من يشتريها، لكنه اكتشف أنها تصنع من قول الحق، والحق عندنا سلعة نادرة ممنوعة من الصرف والتداول.
أما الباطل فحدث ولا حرج.
الله المستعان