#بξسسة

#بξسسة
علي محمد سيقلي
في زمنٍ كان البحر فيه لأهله، كنا نقول: “من لا يملك قوت يومه فالبحر له”
أما اليوم، فالبحر لنا شكلاً، ولغيرنا مضمونً بالدولار.
صباح الجمعة، وأنا أتصبح برزق الله، أخذت نفسي إلى سوق الحراج في صيرة، حيث يقال إنك تجد السمك الطازج بأرخص الأثمان، ويا ليتني لم أذهب.
بحثت عن “الثمد”، ذاك السمك الشعبي الذي كنا نأكله حتى ونحن مديونين، فوجدته وحيدا، يتيما، حزينا، بين يدي بائعٍ يبتسم ابتسامة القابض على كنز.
سألته ببراءة: “بكم الكيلو يا حاج؟”
رد بثقة قاتلة: 18 ألف ريال.
نعم… 18 ألفًا، وكأنه يبيعني كيلو من الزعفران الإيراني.
تخيلوا، لحظة صمت انقبض فيها قلبي، وسقطت شهيتي في قاع البحر، لأني أدركت أن أرخص الأسماك صار سعره أغلى من كرامتي.
أي اكتفاء ذاتي هذا الذي نسمع به في بيانات الحكومة؟
أي بحرٍ هذا الذي نصطاد منه ونصدره للخارج بالدولار، ثم نبيع بقاياه، تلك التي لا تليق بالتصدير، للمواطن بنفس سعر الدولار؟!
يا حكومة، يا حراس شعارات الاكتفاء الذاتي، هنيئا لكم سمك البحر، وهنيئا لكم جيوب التجار المنتفخة، وهنيئا لكم عيون أطفالنا التي ترى السمك، وتعرف أسمه وتحلم أن تذوقه.
أما نحن؟ فقد اكتفينا ذاتيا من الحسرات، نصطاد الغصة تلو الأخرى، ونصدر الصبر بالدموع والدعاء.
أهكذا تكافئون من صبر وبقي؟
أهكذا يكون البحر الذي نحلم به؟
كفوا أيادي التجار عن رقابنا، أو على الأقل علقوا على مداخل أسواقنا لافتة تقول:
“للأثرياء فقط”