اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
اخبار وتقارير

شبكة “بدل العواجل” تبتلع ملايين الريالات من موازنة رئاسة الوزراء

النقابي الجنوبي/خاص

في وقت تتداعى فيه مؤسسات الدولة تحت وطأة الأزمة الاقتصادية، وتُركّب فيها الموازنات على شفا العجز، تُفضَح واحدة من أعمق شبكات الفساد المالي المستترة داخل أروقة رئاسة الوزراء بما تسمىى بالشرعية، حيث يتم صرف ملايين الريالات شهريًا تحت مسمى وهمي، ومن دون أي سند قانوني.

المعطيات جاءت هذه المرة من داخل المؤسسة نفسها، على لسان مسؤولة إدارية عليا وضعت الملف علنًا أمام الرأي العام، في خطوة قد تُحدث صدمة سياسية ومالية، أو قد تُقابل – كما يحدث في الغالب – بالصمت والتجاهل.

مسؤولة عليا تفجّر الملف

كشفت الأستاذة /أنيسة عبدالله عثمان العمودي، مديرة شؤون الموظفين في رئاسة الوزراء، عن تورّط كل من له صلة في هذا الجانب غير القانونية من موازنة رئاسة الوزراء، تحت مسمى يُدعى “بدل عواجل”،

ووفقًا لما أوردته العمودي، فإن هذه المخصصات تُصرف بشكل دوري منذ عدة أعوام، دون أي مسوغ قانوني، وتتم من الباب الثاني في الموازنة، ما يشير إلى نمط ممنهج في التلاعب بالمال العام داخل الدائرة المالية للمكتب التنفيذي الأهم في الدولة.

“بدل عواجل”: بند وهمي أم غطاء للنهب؟

البند المالي الذي بُنيت عليه هذه الصرفيات، وهو “بدل عواجل”، لا يظهر في أي من اللوائح المالية الرسمية أو الأدلة المحاسبية المعتمدة، ما يثير الشك حول كونه غطاء محاسبيًا مفتعلًا لشرعنة تدفقات مالية غير قانونية.

وتشير مصادر مطّلعة إلى أن استخدام مسميات فضفاضة في الوثائق المالية يُعد من أبرز أدوات التحايل على الرقابة، خاصة حين يتم إقحامها في باب من أبواب الموازنة العامة دون توصيف دقيق أو تفصيل في بنود الصرف.

قرابة عائلية تعمّق الشبهة

بحسب التصربحات اذ تعد تلك مخالفة صريحة للنظام والقانون، وهو ما يدفع فرضية أن العلاقات في الامانة العامة باتت تحكمها القرابة والولاءات الحزبية،والبعيدة عن العمل الاداري ، بل محمية بشبكة نفوذ داخلية أتاحت لهما تقاسم الموارد المالية دون رقيب، وبغطاء من التواطؤ المؤسسي المستمر.

وتطرح هذه الواقعة أسئلة مقلقة حول ضعف بنية الرقابة الداخلية في رئاسة الوزراء، ومدى تورط أو تواطؤ بعض الموظفين في تمرير هذه الصرفيات، أو السكوت عنها على مدى سنوات.

أين الجهات الرقابية من كل هذا؟

طالبت العمودي في ختام بلاغها العلني الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ووزارة المالية بالتحقيق العاجل ومحاسبة المسؤولين، غير أن مراقبين يرون أن المسؤولية لا تقتصر على ملاحقة الأفراد، بل تمتد إلى مراجعة أداء مؤسسات الرقابة ذاتها التي فشلت في رصد هذه المخالفات طيلة سنوات.

ومن غير المفهوم كيف يُسمح باستمرار صرف ملايين الريالات شهريًا تحت بند غير قانوني، دون أن يصدر أي تقرير رقابي، أو يُحرّك بلاغ داخلي من الجهات المختصة.

مئات الملايين… حصيلة فساد منتظم

إذا افترضنا أن صرف المخصصات غير القانونية استمر لخمس سنوات، فإن الحصيلة مذهلة لايمكن ان يستوعبها عقل مختل فكيف بناء اصحاب العقول الرشيدة.
مبالغ لا يمكن تجاهلها في ظل الأزمة الخانقة التي تعاني منها المؤسسات الحكومية، بل يُعد نموذجًا مصغرًا لكيفية نزف المال العام خارج النظام المالي الرسمي، وبعيدًا عن أية مساءلة.

التوصيف القانوني: الجريمة مكتملة الأركان

بحسب خبراء في الرقابة المالية والقانون الجنائي، فإن ما جرى يُعدّ جريمة اختلاس وتبديد للمال العام، كما ورد في نصوص قانون الجرائم والعقوبات اليمني، وتحديدًا المواد (148–152)، التي تُجرّم كل من يتصرف في الأموال العامة خارج ما نصّت عليه الأنظمة أو دون وجه قانوني.

ويؤكد مختصون أن غياب الإجراءات القانونية في مثل هذه الحالة، يعني فتح الباب أمام تكرارها بأسماء جديدة، وبمسميات أكثر غموضًا

زر الذهاب إلى الأعلى