نازحوا محافظة البيضاء اليمنية ومطالبات مشروعة

ياسر الصيوعي
ليست المطالبة بصرف الرواتب المتوقفة منذ عشرة أشهر سوى جزء من حقوق نازحي محافظة البيضاء المقيمين في المناطق المحررة، وليست هي المطلب الوحيد كما يحاول البعض اختزاله. فالقضية أعمق من مجرد مرتبٍ متواضع لا يكاد يكفي لمصروف أسبوع، لكنها تتعلق أولاً وأخيرًا بكرامة الإنسان وشعوره بوجود الدولة الحاضنة لكل مواطنيها دون تمييز أو إقصاء.
لقد عانى أبناء البيضاء النازحون أوضاعًا معيشية صعبة منذ اضطرارهم إلى مغادرة مناطقهم قسرًا بسبب الحرب، تاركين خلفهم ممتلكاتهم ومصادر أرزاقهم، ليجدوا أنفسهم في مواجهة واقع قاسٍ من التهميش والتجاهل الإداري والمالي، وكأنهم غرباء في وطنهم.
إن استمرار تعليق رواتبهم، رغم محدوديتها، يمثل ضربة موجعة لكل معاني العدالة والمواطنة، فذلك الراتب وإن كان بسيطًا، إلا أنه شريان حياة، ورمز لارتباط الموظف بالدولة ومؤسساتها، ودليل على وجود منظومة نظامية تحترم التزاماتها تجاه موظفيها.
وإلا فما الذي يميز دولة النظام والقانون عن المليشيات التي تنهب وتتحكم دون رادع؟
الدولة تُعرف بقدرتها على الإنصاف قبل القوة، وبحضورها في حياة مواطنيها لا في شعاراتها فقط.
إن أبناء محافظة البيضاء، وهم من أكثر المحافظات تضحية وصمودًا في وجه الانقلاب الحوثي، يستحقون من الحكومة الشرعية التفاتة مسؤولة تُنصفهم وتعيد إليهم ما فُقد من حقوقهم، لا سيما وهم يعيشون أوضاعًا معيشية واقتصادية ضاغطة تفوق الوصف.
إن إنصاف نازحي البيضاء اليوم ليس منّة، بل واجب وطني وأخلاقي وإنساني. فهؤلاء أبناؤها الأوفياء، دفعوا ضريبة الوطن مرتين: مرة حين قاتلوا دفاعًا عنه، ومرة حين نزحوا بكرامتهم ليحافظوا على مبادئهم.
ولعل صوتهم اليوم يصل إلى من يعنيهم الأمر، ليتحول الإنصاف من وعود مؤجلة إلى واقع ملموس يُعيد الثقة بين المواطن والدولة، ويؤكد أن الحكومة لجميع اليمنيين، لا لبعضهم.
ياسر الصيوعي
مستشار وزارة الإعلام والثقافة والسياحة