من معاشيق إلى صعدة: سلسلة تحقيقية تكشف التمكين الحوثي داخل الحكومة الشرعية.. الجزء الثاني | “عزيز ناشر” واجهة الحوثي المدنية داخل الشرعية من قلب معاشيق

النقابي الجنوبي/ خاص
في الوقت الذي تُعلن فيه القوات الأمنية في عدن حالة استنفار لإحباط اختراقات استخباراتية حوثية تستهدف الدولة من الداخل، تتعالى أصوات من داخل قصر “معاشيق” تتبنّى الخطاب الحوثي وتحرض ضد الجنوب وقياداته.
الاسم الأبرز في هذا المشهد الملتبس هو اللواء عزيز حمود ناشر، القائم بأعمال الأمين العام لمجلس الوزراء اليمني، الذي بات يُوصف – في أوساط سياسية جنوبية – بأنه “الوجه المدني لولاء صنعاء داخل الشرعية”.
من مهاجمة الانتقالي إلى تبرير الحوثي
في مقابلات إعلامية متكررة، لم يتوانَ عزيز ناشر عن وصف المجلس الانتقالي الجنوبي بـ”الانقلابي”، محمّلاً إياه مسؤولية سقوط الجبهات في الشمالي. وفي المقابل، قدّم دفاعًا لافتًا عن الحوثيين بوصفهم “مكونًا وطنيًا أصيلًا”، رغم إقراره بجرائمهم ضد المدنيين.
> “رغم ما تقترفه مليشيا الحوثي من فتن وحروب… تظل مكونًا يمنيًا أصيلًا، ولا بد من إقناعها بالحوار بعد فشل الشرعية عسكريًا” – عزيز ناشر
هذا التناقض في الموقف لا يُعد زلة لسان أو قراءة فردية، بل يبدو امتدادًا لنهج ناعم في شرعنة الحوثيين وشيطنة الجنوبيين، في توقيت تتصاعد فيه دعوات توحيد الجهود ضد الخطر الحوثي.
شبكة عائلية وعلاقات مريبة
ما يُثير القلق أكثر، هو العلاقة المباشرة التي تربط عزيز ناشر بقيادات حوثية، أبرزها شقيقه محمد ناشر، أحد أذرع محمد علي الحوثي في محافظة عمران، والمسؤول عن تعبئة المقاتلين وتجنيدهم للقتال ضد الجنوب.
التقارير التي اطلعت عليها “النقابي الجنوبي” تؤكد أن عزيز استغل موقعه الرسمي لتسهيل تحركات شقيقه داخل عدن، واستخدم مذكرات رسمية لتأمين تنقلاته، مستعينًا بإحدى الشركات التابعة لعائلته كمظلة تجارية.
مصادر أمنية أكدت أن لقاءات جرت أكثر من مرة في العاصمة عدن، جُمعت فيها معلومات عن موظفين جنوبيين ومسارات دعم داخلية، قبل أن تُرسل إلى صنعاء بوسائل تقنية مشفّرة.
ازدواجية مفضوحة في الولاء والممارسة
ما يكشفه سلوك عزيز ناشر هو ازدواجية لا تُخطئها العين:
يهاجم الانتقالي ويحمّله فشل “الشرعية”، رغم أنه جزء من منظومة متهمة بالخذلان.
يدافع عن الحوثي، بينما يُتّهم بتوفير الحماية لقيادات حوثية داخل عدن.
يصرف مكافآت لمتهمين بالتخابر، ويسقط مستحقات موظفين جنوبيين رسميين.
وفي مارس الماضي، قام ناشر بصرف إكرامية رمضانية للقيادي “علي النعيمي” – الهارب من معاشيق والمتهم بالتخابر مع الحوثيين – متجاوزًا قرارًا رئاسيًا بإقالة، وهو ما فُسّر بأنه رسالة دعم ضمنية لكل من ينخرط في مشروع الحوثي من داخل مؤسسات الدولة.
من أين أتى عزيز ناشر؟
ينتمي عزيز إلى عزلة “بني ناشر” في مديرية السودة بمحافظة عمران، إحدى الحواضن القبلية المقرّبة من صعدة. عائلته ذات تاريخ طويل في الاصطفاف مع القوى الزيدية العسكرية، حيث كان والده أحد أبرز المشاركين في حرب 1994 ضد الجنوب.
ولم يُعرف لعزيز أي دور فعلي في جبهات القتال، بل دخل الحكومة عبر ترشيحات محسوبية في عهد أحمد عبيد بن دغر عام 2016، واستمرّ في موقعه رغم تغيير الحكومات، ما يعكس حالة من الحصانة السياسية المشبوهة.
المفارقة الأكبر، أنه – حتى اللحظة – يتقاضى راتبًا كمعلم في تربية عمران ضمن كشف “النازحين”، بينما يشغل منصبًا رفيعًا في رئاسة الوزراء، وهو ما يفتح ملفات فساد وظيفي ومالي واسع.
استهداف مباشر للجنوب
في أحد اجتماعات مجلس الوزراء، وعند طرح ملف دعم مستشفيات الضالع، رد ناشر ساخرًا:
> “الضالع؟ ينتظروا مثل تعز… لا يشغلونا هؤلاء المزعقين!”
بهذا التعليق الذي أثار استياء حتى بعض زملائه، يؤكد عزيز عداءه المتجذر للجنوب وأهله، ما يدفع للتساؤل عن دوافع بقائه في منصب سيادي، وهو لا يؤمن أصلًا بعدالة تمثيل الجنوب أو بحق أبنائه في الشراكة.
تمهيد للجزء التالي:
السؤال الأخطر لا يتعلق فقط بتصريحات ناشر، بل بما يملكه من صلاحيات لصرف المكافآت وتوجيه المذكرات… كيف استخدم موقعه الرسمي لحماية متهمين بالتخابر وتمويلهم من خزينة الدولة؟
الجزء الثالث:
“صرف المكافآت والتسهيلات: كيف دعم عزيز ناشر عملاء الحوثي بأموال الدولة؟”
لمتابعة الجزء الأول، من معاشيق إلى صعدة: خلية حوثية في عدن.. كيف أسقط الحزام الأمني جاسوس الأمانة العامة لرئاسة الوزراء؟
https://alnqabialjanubi.com/archives/307352