علماء يقتربون من تجديد أطراف البشر مستلهمين قدرات الأكسولوتل

دراسة تكشف دور حمض الريتينويك وجين “Shox” في إعادة نمو الأطراف وتفتح آفاقًا طبية واعدة
اقترب علماء الوراثة خطوة جديدة نحو تحقيق حلم طال انتظاره: تجديد أطراف البشر. ويستند هذا التقدم إلى دراسة حديثة استلهمت من حيوان “الأكسولوتل” – وهو نوع من السلمندر المكسيكي – قدرته المذهلة على إعادة نمو أطرافه المبتورة بالكامل خلال بضعة أسابيع.
الدراسة التي قادها عالم الأحياء جيمس موناغان من جامعة نورث إيسترن الأمريكية، ونُشرت مؤخرًا في مجلة Nature Communications، كشفت عن آلية جزيئية حاسمة قد تفتح الباب أمام تطبيقات طبية غير مسبوقة في طب التجديد.
ولتتبع العمليات الخلوية بعد البتر، قام الفريق بتعديل التركيب الجيني للأكسولوتل لإنتاج خلايا متوهجة في الظلام، ما سمح برصد التفاعلات بدقة. وبرز حمض الريتينويك – وهو مركب مشتق من فيتامين “أ” يُستخدم عادة في مستحضرات التجميل – كعنصر أساسي في توجيه الجسم لتحديد الجزء المفقود المطلوب تجديده، سواء كان إصبعًا أو ذراعًا أو طرفًا كاملًا.
وأوضحت كاثرين مكاسكر، عالمة الأحياء بجامعة ماساتشوستس، قائلة:
“كان السؤال مطروحًا لفترة طويلة، وهو كيف يعرف الجسم بالضبط ما فقده؟”
الإجابة بدأت تتضح من خلال ملاحظة أن الأكسولوتل يمتلك توزيعًا متدرجًا طبيعيًا لحمض الريتينويك، حيث يكون تركيزه أعلى قرب الكتف ويتناقص باتجاه الأصابع، ما يضمن إعادة تشكيل دقيقة للطرف المفقود. اللافت أن زيادة هذا الحمض بشكل اصطناعي أدت إلى نمو أطراف إضافية، مما يثبت تأثيره المباشر على “خريطة التجديد”.
وفي موازاة ذلك، اكتشف الفريق البحثي تنشيط الحمض لجين يُعرف باسم Shox، وهو الجين ذاته الموجود لدى البشر والمسؤول عن نمو الأطراف أثناء مراحل التكوين الجنيني. وعند إزالته باستخدام تقنية التعديل الجيني CRISPR-Cas9، نَمَت أذرع الأكسولوتل بشكل مشوَّه وقصير، مما أكد دوره الحيوي.
ويؤكد موناغان في ختام الدراسة أن السر يكمن في “إعادة تشغيل” البرنامج الجيني الذي يستخدمه الجسم في المراحل الأولى من النمو. ويضيف:
“البشر يمتلكون نفس الجين ونفس الحمض، مما يعني أن صندوق الأدوات البيولوجي للتجديد موجود بالفعل لدينا، لكنه غير مفعل بالكامل.”
هذا الكشف العلمي يعيد إحياء آمال كبيرة في مجال الطب التجديدي، وقد يكون مقدمة لثورة علاجية تتيح في المستقبل للإنسان استعادة ما فقده من أطراف، ليس فقط وظيفيًا، بل شكليًا وبنيويًا كذلك.
المصدر: Naukatv.ru