اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
اخبار وتقارير

نداءات استغاثة وتحذيرات.. الكوليرا تضرب عدن وأبين مجددًا

 

النقابي الجنوبي/تقرير/خاص

ارتفعت مؤشرات تفشي وباء الكوليرا في الجنوب مجددًا، مع تسجيل أربع حالات مؤكدة في مديرية زنجبار بمحافظة أبين، و194 إصابة بالإسهالات المائية الحادة خلال مايو الجاري، بالإضافة إلى حالتي وفاة، إحداهما لشابة من منطقة الكود والأخرى من مدينة جعار، بحسب مصادر طبية رسمية. وفي عدن، أطلق مكتب الصحة العامة والسكان نداءً عاجلاً لوزير الصحة ومحافظ عدن، محذرًا من انهيار وشيك في مركز عزل الكوليرا بمستشفى الصداقة، نتيجة النقص الحاد في الكوادر الطبية والمستلزمات الأساسية.

تدهور متسارع

بحسب وثائق رسمية صادرة عن مكتب الصحة في عدن، يشهد الوضع الصحي مؤشرا خطيرا بعد هدوء نسبي استمر لشهرين. وتشير التقارير إلى تصاعد كبير في عدد الإصابات اليومية بالكوليرا، مع تسجيل عشرات الحالات يوميًا، في ظل ظروف تشغيلية متدهورة للمراكز الصحية، خاصة مركز عزل الكوليرا في مستشفى الصداقة.

وأكد مدير مكتب الصحة بعدن، الدكتور أحمد البيشي، أن “الوضع دخل مرحلة خطيرة جدًا، إذ يعمل الفريق الطبي في مركز العزل حاليًا بـ6 أطباء و9 ممرضين فقط، جميعهم بشكل طوعي منذ ثلاثة أشهر، وهو ما لا يكفي للتعامل مع حالات تتطلب تدخلًا عاجلًا وتوفير محاليل وريدية ومضادات حيوية”.

هشاشة القطاع الصحي

رغم ما تقدمه بعض الجهات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية، إلا أن هذا الدعم يظل محدودًا مقارنة بحجم التحديات. وأفادت مصادر طبية أن بعض المرضى المصابين بالكوليرا في عدن تعرضوا لمضاعفات خطيرة وصلت إلى الفشل الكلوي بسبب تأخر العلاج أو نقصه.

ويُعد مركز الصداقة مركزًا مرجعيًا لمعالجة الكوليرا ليس فقط لعدن، بل أيضًا للمحافظات المجاورة مثل لحج وأبين، ما يضاعف الضغط عليه في ظل غياب خطة طوارئ شاملة من قبل الجهات المركزية في وزارة الصحة.

زنجبار تحت الضغط

في زنجبار، الوضع لا يبدو أقل خطورة. فقد كشف مدير مكتب الصحة بمديرية زنجبار في محافظة أبين، عبدالقادر باجميل، أن أربع حالات تأكد إصابتها بالكوليرا بعد إجراء الفحوصات في المختبرات المركزية بعدن، من أصل ست حالات مشتبهة. وأوضح أن “الحالات الأربع تماثلت للشفاء، لكن الإصابات بالإسهالات بلغت حتى الآن 194 إصابة، وتوفيت شابتان بسبب المضاعفات، بينما المئات من المرضى يتلقون العلاج في المركز الصحي وسط نقص حاد في الأدوية والمحاليل الوريدية”.

وأشار باجميل إلى أن “ما وصل من دعم من مكتب الصحة بالمحافظة كان عبارة عن 270 وريدية فقط، لا تكفي لأكثر من يومين في ظل التزايد المطرد للحالات”، لافتًا إلى أن الوضع الصحي في المديرية يزداد سوءًا، في ظل تراكم القمامة وانتشار المياه الراكدة التي تشكل بؤرًا حقيقية للأوبئة.

نداء استغاثة رسمي

في سياق التصعيد، وجّه مكتب الصحة بعدن نداءً عاجلًا إلى وزير الصحة العامة والسكان، الدكتور قاسم بحيبح، ومحافظ عدن أحمد لملس، للتدخل الفوري. وطالبت المذكرة الرسمية بتعزيز الطواقم الطبية وتوفير الدعم اللوجستي، بما في ذلك الأدوية، والمحاليل، وأدوات الوقاية الشخصية للعاملين في مركز الصداقة، الذي تحول إلى خط الدفاع الأول في مواجهة الكوليرا.

ونبهت الجهات الصحية إلى أن استمرار تجاهل الواقع الميداني قد يقود إلى سيناريو أسوأ، حيث يصبح من الصعب احتواء انتشار الوباء في حال امتد إلى أحياء سكنية مكتظة أو مخيمات نازحين تعاني أصلًا من ضعف خدمات الصرف الصحي.

أزمة تتكرر

يعيد هذا التصعيد إلى الأذهان سيناريوهات سابقة شهدتها عدن وأبين في أعوام مضت، حينما اجتاحت الكوليرا عدة مناطق في ظل عجز الاستجابة المركزية وغياب التمويل الدائم للقطاع الصحي المحلي. ومع تكرار الأزمة، لا تزال الجهات الصحية تعتمد على النداءات الطارئة، دون وجود خطط استدامة واضحة.

تحذير

مع استمرار تدفق الحالات يوميًا في زنجبار وعدن، وتحول بعض الإصابات إلى مضاعفات مميتة، فإن المعطيات تشير إلى أن الجنوب مقبل على كارثة صحية ما لم يُسارع إلى تدارك الوضع. الجهات الصحية تناشد، وتتحرك بإمكانات شحيحة، بينما يحتاج الميدان إلى تدخل فوري يتجاوز الحلول الجزئية.

زر الذهاب إلى الأعلى