الذكرى 31 لاحتلال الجنوب من قبل قوى الظلام اليمنية

نوال أحمد
في 27 أبريل من كل عام، يحل علينا يوم يختزل آلامًا وذكريات عميقة كجراح الزمن. إنه عائق لن يُمحى، حيث تحتدم الذكرى الحادية والثلاثون للاجتياح الذي هز مجد الجنوب. وقد كأن الوقت قد توقف عند تلك اللحظة، بعد أن تركت في النفوس أصداء الحزن وغضب الذاكرة، متجسدةً في قصة وجع مستمر ومعاناة متجددة، فالتاريخ سيمتد بأحزانه، يحمل أوجاعًا لم تُشفَ.
في صيف ذلك العام، تراقصت قلوب الجنوبيين بين الأمل واليأس، كالأوراق التي تتطاير في عاصفة مدمرة. أحلامهم كانت معلقة على حافة الخطر، وتلاشت آمال السلام في ظلال الموت والمأساة. لم تكن الحرب مجرد معركة، بل كانت هجومًا شرسًا على إنسانيتهم، ونقطة انطلاق لأحزان لا تُنسى، حيث سُلبت الفرحات وضاعت الابتسامات.
شوارع المدن كانت مسرحًا لصراخات الفراق، مُحاطة بصدى ضحكات الأطفال التي انسحبت إلى ذاكرة بعيدة. أما الرصاص، فقد سقط كالمطر، مُخلفًا دمارًا وهشاشة في مشاهد الحياة. وفي كل قرية، كانت الأرواح تُنادي على من سقطوا بلا رحمة، بينما تُبتر ملامح الحياة بمعاناة ثقيلة.
على الرغم من قسوة الأرقام والإحصائيات، إلا أنها عاجزة عن تصوير عمق المأساة. فالأرقام تتحدث عن القتلى، لكن خلفها كامن الوجع في قلوب الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن، والآباء الذين باتوا يبحثون بين الأنقاض عن بقايا أطفالهم المنسيين. كانت كل دمعة تروي قصة، وكل صرخة تفوح برائحة الفقد العظيم.
ومع ذلك، في هذا اليوم الوطني الحزين، نتذكر شهداءنا الذين سقطوا دفاعًا عن إنسانيتهم وكرامتهم. لن تُكتب أسماءهم في التاريخ، لكنها ستبقى حية في الذاكرة، تتردد أصواتهم في دعواتنا، وتتعانق أرواحهم مع السماء. هذه الذكرى ليست فقط للحزن، بل هي دعوة لنا لنسترجع إرادة النضال من أجل السلام والعدالة.
لكن اليوم، ورغم هذه المخاوف، يضيء في جوانح شعب الجنوب بارقة أمل. يتجهون نحو الحرية، مؤمنين بأن المجلس الانتقالي الجنوبي، برئاسة عيدروس الزبيدي، يحمل مشعل القضية الجنوبية. عودتهم نحو دولة النظام والقانون، حيث يتبوأ شعب الجنوب مكانه كحاكم لذاته، تبدو كأقصى أمانٍ تسكن فيها قلوبهم.
فلنستمر في رفع أصواتنا، ولنحول الألم إلى دافع من أجل العدالة، ولنجعل من ذكرى الجرح دافعًا لتحقيق مستقبل مشرق، يُعزز فيه قيم الكرامة والحرية. لنستمر في الكفاح، ولنختار ألا ننسى، فالتاريخ يُكتب بأحرف من دم، وعلينا أن نكون جزءًا فاعلًا في تشكيل غدٍ أفضل لشعب الجنوب ولأجياله القادمة.