اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

قبل أن ننام: صحفية زنجبيلية.. لا تهزم ولا تكسر

 

 

كتب/ بسمة نصر

 

في كل واحدة منا تكمن روح محاربة لا تعرف الاستسلام، شجاعة لا تهتز، وعزيمة لا تنكسر. مثل (الليدي أوسكار)، البطلة التي حملت سلاحها بشجاعة وتحدت الصعاب بحب لا متناه لمهمتها، نحن كصحفيين نقف في ساحة المعركة اليومية ضد الفوضى والرتابة، نبحث عن الحقيقة، نبدع، نصلح، وننقل للعالم كل ما يستحق أن يسمع ويرى.

العمل بالنسبة لي ليس مجرد واجب أو روتين، بل هو شغف، هو ساحة أقاتل فيها لأجعل من كل كلمة خبراً ينبض بالحياة، ومن كل صورة قصة تروي عمق الحقيقة. هذا الشغف وهذه الروح هما درعي وسلاحي، كما كانت (لليدي أوسكار) في معاركها.

صحوت مبكرا، لكن جسدي كان رافضا لذلك كأنه يقول لي: “ليش الحماس؟ تعالي نرتاح شوي”. كانت الساعة السابعة صباحا، وأنا أجهز نفسي للعمل. رغم أن عملي من المنزل، فإنني أعتبر نفسي في معركة يومية، أشبه بـ (الليدي أوسكار) التي لا تهاب التحديات، وأحرص على تهيئة نفسي بالكامل للدوام والالتزام.

بدأت روتيني المعتاد: نظافة شخصية، اختيار لباس أنيق مع عطر فرنسي لا يقل شجاعة عني، وجلست في ركني المفضل في البيت حيث أضع كل آمالي وطموحاتي وأختم آخر محادثاتي.

الساعة الآن الثامنة والنصف، وعيناي لا تزالان ثقيلتين، وعقلي يبدو كأنه في سبات عميق.

لكن بعد تناول الفطور، أعددت كوبا من الحليب الدافئ بالزنجبيل والنعناع، مشروب يجمع دفء الحليب، ونكهة الزنجبيل الحادة، وانتعاش النعناع، ليوقظ حواسي ويشحذ همتي لمعركة اليوم”.

بدأت أفرقع أصابعي كما لو أني أعد سلاحي لفتح معركة اليوم، وشغلت الأغاني الوطنية الحماسية التي تشدني للعمل.

أحب صوت فيروز في الصباح، فهي بالنسبة لي صوت الثورة الهادئة، وأتذكر عملي السابق الذي كنت أحبه كثيرا. أحب زملائي وزميلاتي، وأحب رائحة المكان، وكنت أعمل ساعات إضافية لأبقى في مقر عملي كأنني حارسة مخلصة للقصر الملكي.

أما عملي الجديد في تحرير الأخبار، فأنا أحبه بشغف (الليدي أوسكار)، أشعر بمسؤولية كبيرة تجاهه، ليس من منطلق الإلزام، بل من حب وخوف على إبراز كل ما هو جميل ورائع. لدي زملاء طيبون، رغم مشاكساتهم، قلوبهم بيضاء. ومديري شخص رائع يهتم بالموظفين، ونحن كأسرة واحدة.

أؤمن بشدة أنه إن لم تجد روحك وراحتك في عملك، فعليك أن توقف ما تفعله، لأنك إن واصلت فأنت تهدم نفسك، مثل (الليدي أوسكار) التي لم تقبل أن تفرط في كرامتها.

بدأت أكتب أخباري الصباحية المقررة باسمي، وعندما خلصت نشرتها، ذهبت إلى القناة لأرى الأخبار المنشورة وأقرأها حتى لا يتصادم خبر لي مع آخر. أحيانا يكون الخبر واحدا، لكن العنوان مختلف، لذلك أقرأها كاملة. وصلت إلى أخبار الأسعار والطقس، التي حررتها زميلتي. أتذكر حين كانت مريضة، حاولت أن أحررها بنفس توقيتها، لكن الأمر كان يستغرق مني وقتا طويلا. كنت أبحث هنا وهناك، وأتصل للتحقق والتأكد، وقلت في نفسي: “الحمد لله أنها عادت”، والحمدلله علـّۓ. سلامتها، لأن الأرقام تشتت عقلي وتجعلني أنفصل عن العالم مــِْن حولي.

لكل منا طريقته في العمل، ولكل منا صفته الخاصة ومهامه المختلفة. عندما أساعدها، لا يعني ذلك أنني أخذت مكانها، فهي تعتبر زميلة وشريكة في العمل، وليس شيئا يؤخذ بالقوة. ولم أفكر يوما أن أكون مكانها، فالمحاربة لأخذ شيء ليس مـِْن حقك أمر ليس سهلا، كما قلت سابقا: لكل شخص طريقته، ولكل منا دوره الذي يبرع فيه.

وفي النهاية، أذكر نفسي كما قالت (الليدي أوسكار): “القوة ليست فقط في السلاح، بل في الإرادة التي لا تنكسر”.

زر الذهاب إلى الأعلى