الكيل بمكيالين.. الجنوب بين مطرقة التمييز وسندان الإهمال!

كتب/ جلال باشافعي
في مارب، شيخ قبلي يقطع الطريق العام، يوقف قواطر الغاز، ويفرض شروطه على الدولة. يطالب بإطلاق سراح محكومين بأحوام قضائية، فتستجيب الحكومة على الفور دون أي تحرك أمني أو حتى إدانة إعلامية. وكأن القانون هنا مجرد كلمات تُكتب على الورق، تُطبق فقط على الضعفاء والفقراء، بينما أصحاب النفوذ والسلطة لهم قوانينهم الخاصة. الإعلام يصمت، والمسؤولون يبررون، والدولة تنحني خضوعًا لقوة السلاح والمال!
لكن في الجنوب، الصورة مختلفة تمامًا. في أبين، عندما خرج أبناء المحافظة مطالبين بحقوقهم الأساسية كالكهرباء والديزل، تحركت الجيوش، انتشرت قوات الأمن، وامتلأت الشاشات بالاستنكارات والإدانات. وكأن المواطن الذي يطالب بحقوقه المشروعة أصبح مجرمًا يجب قمعه! وفي عدن، عندما تظاهر الشباب مطالبين بتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل، قوبلوا بالغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي والاعتقالات التعسفية. وكأنهم أعداء للدولة وليسوا مواطنين يعيشون تحت سقفها!
ما الفرق بين هذا وذاك؟
هل لأن القانون في هذا البلد يُفصَّل على المقاس؟ أم لأن هناك استهدافًا ممنهجًا لكل ما هو جنوبي؟ أم لأن الدولة تتعامل مع المواطنين على أساس انتماءاتهم الجغرافية والقبلية بدلًا من كونهم أبناء وطن واحد؟
عندما تصبح الدولة طرفًا في الظلم، وعندما يُمارس التمييز بهذه الوقاحة، فإنها تفقد شرعيتها ومصداقيتها. وعندما يُعامَل المواطنون على أنهم أعداء لمجرد أنهم يطالبون بحقوقهم، فإن الثقة بين الشعب والدولة تتحول إلى غبار.
الجنوب ليس تابعًا لأحد!
الجنوبيون ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية. هم أصحاب حق، وأصحاب أرض، ولن يقبلوا بأن يُعامَلوا كغرباء في وطنهم. إما أن تكون العدالة للجميع، أو لن تكون هناك عدالة على الإطلاق.
كفى تمييزًا! كفى استهدافًا!
حان الوقت لأن تفيق الدولة من غفلتها، وأن تتعامل مع جميع المواطنين بإنصاف ومساواة. فالظلم لن يولد إلا المزيد من الغضب، والتمييز لن يولد إلا المزيد من التمرد.
إما وطن للجميع.. أو لا وطن لأحد.
جلال باشافعي
ناشط نقابي وسياسي جنوبي