الكاتب والصحفي الجنوبي خالد سلمان “خطيئة ينبغي ألا تطل في المشهد الراهن”

بقلم/ خالد سلمان
لدينا تجربة غير سارة في سابق الصراعات وآخرها حرب ٩٤، بالتعويل على مشايخ أقصى شمال البلاد ،ودعمهم بالمال والسلاح لإحداث خرق في هذه البيئة المشيخية المغلقة ، والدفع بهذه القوى للخلاص من نظام إدعت العداء له ، في ما هي تتحرك من النظام السابق وبإيعاز منه ، لبعث الإطمئنان الموهوم من أن النصر في حال المواجهة العسكرية في حكم الثابت المحسوم، وكانت النتيجة إن أحتشدت هذه القوات المدعومة مالاً وسلاحاً من الجنوب لتتجه ضد داعميها، لا ضد البيئة المحافظة المراد تفكيكها .
ماكان يحدث أن قراءة مغلوطة كانت تُضخ ،مصدرها الإعتماد على الكشوفات المالية والزوامل ! ، لتقدير من هم مع التغيير وضد النظام الأسبق ، والنتيجة غزو عدن وإستخلاص جارح مفاده الإكتشاف المتأخر أننا كنا ندعم تجار حرب ومشايخ تتاجر بالقضايا الوطنية، تستلم من جميع الأطراف وتذهب مع المنتصر لتفييد المدينة المهزومة .
اليوم السبت إلتقى الزبيدي بمشايخ ووجهاء صعدة، وفي كلمته التوجيهية أكد على دعمهم وتوفير كل إمكانيات وسُبل استعادة مناطقهم وهزيمة الحوثي.
نحن لسنا ضد ذلك بالمطلق ، ولكننا حذرون من إعادة إنتاج ذات تجربة أزمة ٩٣ ،
التي أفضت إلى الغزو بعد إغداق الأموال لتلك المرجعيات ، خطيئة ينبغي أن لا تطل ثانية برأسها كلاعب في المشهد الراهن ، ولابد من التفكير بذهنية مختلفة، للتأثير على معادلات القوة في داخل مناطق الحوثي، بالإعتماد على الشعب والقوى المدنية في المقاومة الحقيقية بشقيها السلمي والعسكري، والخروج من أسار المشيخيات التي تعمل مع الكل كمقاولي حرب، وفي النهاية تظل مقبض خنجر بيد من يشبهها طائفياً ويتداخل معها بالمصالح.
حسناً فعل الإنتقالي بالإنفتاح على قوى الطرف الآخر من خارطة الصراع ، وسيكون أكثر إيجابية إن إتكأ هذا الدعم على قراءة عقلانية للقوى الاجتماعية، وتحديد وجهة الدعم مالاً وسياسة وسلاحاً، للقوى السياسية الأكثر جذرية في مناهضتها للحوثي، وهي قطعاً ليست معاقل المشيخات مزدوجة الولاء.
لايمكن هزيمة الحوثي بالإنكفاء على المشروع السياسي للإنتقالي فقط بعنوانه الجغرافي ، بل بتحصين هذا المشروع من خلال نسج تحالفات تتخطى المناطق، وتذهب عميقاً نحو السياسة، فالعدائية لكل من لايشبهنا أثبتت حاجة الجميع لمغادرتها، وإعادة صياغة رؤى أكثر إنفتاحاً على الأخر ، تضيف حلفاء ولا تسلم مقود البسطاء ممن يقفون في المنطقة الرمادية، حيث التردد بين جنوب يرفضهم وقوى دينية طائفية تشحنهم شمالاً ، عدم تصويب هذه القراءات تقدم هذه الملايين ممن يجب ان يصطفوا معك ،هدايا مجانية لخصمك ، على خلفية خطاب الكراهية والفرز المناطقي الجهوي.
أخيراً:
من غير توسيع التحالفات ودعم المقاومة الشعبية لا المشيخية (طبعاً بلا جمع او إطلاق ) المتاجرة بالقضايا الوطنية ،هو الخيار الأكثر صوابية ،وضرب الحوثي في عمق سيطرته وخلف خطوطه هو الآخر الخيار الوحيد الأكثر مضمونية لهزيمته مشروعاً طائفياً وحضوراً عسكرياً مدججاً بالقوة.
جميعنا مع المقاومة الحقيقية وبعنوان مدني واضح ، وجميعنا لسنا مع وجاهات مشيخية تستنزف المال ، تتحرك في المساحة الآمنة خارج مسرح المواجهة، وتُقيم مرفهةً في قصور عدن.