اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

صلاح بن لغبر يكتب.. إيران – إسرائيل

 

صلاح بن لغبر

بعد المزح والأخذ والرد في مواقع التواصل، يجدر بنا أن نحاول تحليل ما حدث بعيدا عن العواطف او المواقف:
حيث المعطيات تقول إن إيران كسبت مرة أخرى على حساب العرب.
لا شك أن الوضع بلغ حدا غير مسبوق من التوتر والخطورة، وأن  جهودا كبيرة بُذلت لضبط التصعيد، على يد كبار اللاعبين، ولا شك أن اتفاقا قد أُبرم رسم خطوط ومدى الرد الإيراني.

لكن هذا لا يعني أن طهران خرجت خالية، ولا بد أن هناك ثمن قُدم لها، أو ليس هذا ما تعودنا عليه دائما!، (تحصل إيران على الثمن)  الذي يكون غالبا على حساب العرب ودولهم المتفرجة، وأخشى هذه المرة أن يشمل الثمن الأردن الذي من الواضح انه محطة المؤامرات الإيرانية القادمة، او الحالية بالفعل.

تعلمنا الأحداث ان حائك السجاد الإيراني  يخرج دائما مستفيدا بأكبر قدر من كل الأحداث والتطورات والأزمات في المنطقة بما في ذلك حروب أميركا الكبرى في العراق وأفغانستان، وأنه لا يغامر من دون حسبان ولا يحكم العاطفة أبدا، وهو يضع مصلحة النظام وانجازاته طوال العقود الماضية سواء داخل إيران أو في المنطقة كأولوية لا مجال للمخاطرة بها، لاسيما من ناحية الدخول في حرب مع أميركا والغرب، ولا يزال عراق صدام نموذجا له.

رد واسع النطاق أرادته إيران فكان لها ذلك، ولكن بما لا يؤدي إلى أي ضرر أو قتلى إسرائيليين، والمؤشرات كانت بينة، فالتصعيد الإعلامي للحديث عن الرد جاء بعد أسبوع من قصف السفارة وليس خلال اليومين التاليين ، وتحذير الدول الغربية رعاياها في إسرائيل، وهنا كان لافتا تحديد الولايات المتحدة المدن الإسرائيلية الكبرى لحرية تحرك مواطنيها، ما يعني أنه تم الاتفاق في البداية على تحييد تلك المدن، ثم توالت المؤشرات، حتى قالت إيران بنفسها أنها أبلغت الجميع، قبل 27 ساعة بموعد الهجوم وصولا الى استخدام طائرات مسيرة بطيئة جدا، رغم امتلاك ايران نسخا متطورة كان لها اثر كبير في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، وكان فيما يبدو محددا مسار الصواريخ والمسيرات التي انتظرتها الطائرات الغربية باطمئنان.
هناك كثير من التفاصيل، لكنني في المحصلة أعتقد أن إيران نجحت مرة أخرى في ابتزاز ثمن جديد لضبط سلوكها، وبالحد الذي تريده، وبالنظر إلى مسار الأحداث والمؤامرات التي تحيكها بصبر وإتقان، وما يحدث حول وداخل الأردن خلال الستة أشهر الأخيرة، بداية من حشود وأحاديث المليشيات العراقية التابعة لإيران، او تحريك المظاهرات وزعزعة الاستقرار، أخشى أن طاولة البيع والشراء ومفاوضات ضبط التصعيد قدمت ثمنا بلدا عربيا خامسا قربانا لنيران وفوضى ملالي طهران، من دون ان نستبعد إمكانية شمول الصفقة تعزيز سيطرة إيران على العراق واليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى