حديث رمضان .. رائد العفيف يكتب.. قصة الهجرةٌ نحو النور ورحلةٌ محفوفةٌ بالمخاطر ( 17 )

رائد العفيف
في شتاء عام 622 ميلادي، هبّت رياح التغيير في مكة المكرمة، حاملةً معها قصةً خالدةً عن إيمانٍ راسخٍ وعزيمةٍ لا تُقهر.
في خضمّ اضطهادٍ قاسٍ من قريش، اتّخذ النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم قرارًا جريئًا: الهجرة إلى المدينة المنورة.
كانت خطةٌ محفوفةٌ بالمخاطر، فمكة كانت تُراقب بحذرٍ من قِبل قريش، التي كانت ترصد تحركات النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته.
في ليلةٍ مقمرةٍ، غادر النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم ورفيقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه مكة سراً.
كان الطريقُ مُوحشًا، يملؤه الخوفُ والترقب.
ولكنّ إيمانهما بالله تعالى كان أقوى من أيّ خوفٍ أو شكّ.
طاردهم رجالُ قريش، يبحثون عنهم في كلّ مكان.
ولكنّ الله تعالى حفظَ نبيّه، ووفّر له مأوىً في غارٍ يُعرف باسم غار ثور.
لثلاث ليالٍ، اختبأ النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه في الغار، يراقبان تحركات قريش، ورد في كتاب الله قصة المبيت في الغار قال تعالى : ” إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” التوبة / 40 .
بعد انقضاء الخطر، خرج النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه من الغار، وواصلا رحلتهما إلى المدينة المنورة.
في طريقهم، واجه النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه العديد من المواقف الصعبة، لكنّ الله تعالى نجاّهما من كلّ مكروه.
ففي إحدى المرات، بينما كانا يمشيان في الصحراء، التقيا برجلٍ من قريشٍ يُدعى سراقة بن مالكٍ.
حاول سراقة بن مالكٍ أن يُلحق بهما الأذى، لكنّ الله تعالى أرسل عليه ريحًا عاتيةً أوقفته عن ذلك.
وفي مرةٍ أخرى، بينما كان النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه نائمين في خيمةٍ، هجم عليهم رجلٌ من قريشٍ يُدعى ابنُ أبي حذيفة.
حاول ابنُ أبي حذيفة أن يُلحق بهما الأذى،لكنّ الله تعالى نجاّهما من ذلك بفضل ذكاء أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
بعد رحلةٍ شاقةٍ، وصل النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى المدينة المنورة.
كان استقبالُ أهل المدينة لهما حارًا، وكانوا قد جهّزوا لهما مكانًا للإقامة.
في المدينة المنورة، أسّس النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم الدولة الإسلامية، ونشر تعاليم الإسلام السمحة، ووضع أسس الأخوة والعدالة والمساواة بين المسلمين.