رغم فقده البصر.. الشاب مازن عنوانا للطموح ورمزا للتحدي

بقلم/ جمال البيضاني
الله سبحانه وتعالي يمنح كل انسان خصال قد لا توجد عند غيره.. ويأخذ منك شي غالي ولكن يعطيك شئ ما لم يعطيه لغيرك ..فالشاب مازن علاء محمد فقد البصر ولكن ربنا أعطاه البصيرة ومنحه خصال لا تتوفر حتى عند من في عمره من الأسوياء .
فالشاب الكفيف مازن عمره ١٨ عاما لم تمنعه إصابته بالعمى ولكن الله سبحانه وتعالى أعطاه بصيرة القلب والعقل والموهبة التي صقلها بعزبمته وإصراره بأن يكون شاب له من التأثير في معترك الحياة التي يكابدها وأصبح انسان فاعل في مجتمعه .
فالشاب مازن عانى منذ الولادة جراء إصابته بالمياه الزرقاء والمياه البيضاء وأجريت له عدة عمليات جراحية ولكن بسبب خطأ طبي فقد البصر كليا.. وحاول تقبل هذه الإعاقة وهذا الوضع المأساوي وتأقلم معه صابرا محتسبا .. لم يستسلم الشاب مازن فالتحق في عام ٢٠٢٠م بجمعية رعاية وتأهيل المكفوفين بالعاصمة عدن وكله ايمان ثقة بأن يجعل من نفسه مكانة رغم إصابته بالعمى في هذا السن واستطاع أن يتجاوز أقرانه من ذوي الاعاقة البصرية عند إلتحاقه بدورة تدريبية في معهد النور للمكفوفين لتعلم القراءة بطريقة ( برايل ) واستوعبها سريعا ..كما التحق أيضا بعدة دورات تدريبية داخليا وخارجيا في مجال العمل المؤسسي والإعلام العلاقات العامة والتنمية البشرية وتطوير الذات وكيفية تعامل الأشخاص المحيطين مع هولاء من ذوي الاعاقة البصرية . وعلى الرغم من الصعوبات والعراقيل التي واجهته إلا أنه باصراره وطموحه اللامحدود فقد تغلب عليها واستطاع الحصول على دبلوم في ال T O T بمجال تدريب المدربين والأشخاص من ذوي الاعاقة البصرية إضافة إلى دبلوم صحافة وإعلام بالتعاون مع مركز البناء والإنساني في ماليزيا والاتحاد العربي للمكفوفين بقطر وشهادة دولية من مركز. د( أروب ) بسوريا .. كان مشروع تخرجه هو تقديم برنامج للحصول على الدبلوم وقد نال استحسان الزملاء والمعلمين.. كل تلك الدورات التي حصل عليها الشاب الكفيف مازن قد صقلته وطورت من موهبته وإمكاناته واصبح يتمتع بكثير من المهارات في اتخاذ القرار وتقييم الجمعيات الخاصة بذوي الاعاقة البصرية وتقديم البرامج ومشاركته في تسيير المؤتمرات الخاصة بالمكفوفين .
لم يكتف الشاب الكفيف مازن بهذا بل حاول إبراز ما يمتلكه من إمكانات تجعله قريبا من جميع أصحاب الاعاقات ومجتمعه وذلك من خلال إسهاماته في مجال صناعة المحتوى في صفحات التوك توك ..وبرز فيه وأصبح الكثير يتفاعلون معه على مستوى الداخل ودول الخليج .
ويقول الشاب الكفيف مازن.. أنه واجه صعوبات وعراقيل من جهات متعددة ومنها حضر صفحته على التوك توك من قبل نظام الحوتيين بصنعاء الأمر الذي أعاق استمراره بنشر مواضيعه على التوك توك .
الشاب مازن يترأس مبادرة أسماها ( انا وانت ) تعنى بالأشخاص من ذوي الاعاقة البصرية وتهدف إلى تدريب وتأهيل المكفوفين بالجنوب وتسليط الضوء عليهم إعلاميا وكيفية تعامل المجتمع مع الكفيف ودمجهم تحت مظلة جمعية وطنية للمكفوفين بالجنوب ومساعدتهم في مجال العمل والدراسة . وهذه المبادرة توعوية وثقافية واغاثية تستهدف ذوي الاعاقة البصرية الاكثر فقرا . هذه المبادرة تعد هي الأولى التي تعنى بذوي الاعاقة البصرية والأولى على مستوى الوطن العربي .ونظرا لنشاطه المتميز وتفاعله وحضوره في الملتقيات الخارجية وكونه عضوا في منظمة ( اكون ) العربية ومساهمته في خدمة زملاءه المكفوفين ..يقول الشاب الكفيف مازن علاء أنه تلقى اتصالا هاتفيا من مكتب منظمة ( اكون ) الدولية لذوي الاعاقة البصرية ومقرها الرئيسي في ليبيا .. وأخبره بأن المنظمة اختارته ليكون ممثلا لها بالجنوب وهذه المهمة بتساعده على تحقيق طموحاته في تأسيس جمعية وطنية في الجنوب ينضوي تحت رأيتها جميع الأشخاص من ذوي الاعاقة البصرية وستقدم لهم المساعدة في مختلف المجالات العملية والدراسية.. ومن المقرر أن يتوجه خلال الأيام القادمة إلى المملكة العربية السعودية في زيارة لتعزيز وتقوية العلاقة بين المكفوفين بالجنوب ونظراءهم بالمملكة .
الشاب مازن هو عضو بنقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين ولديه تصريح من الهيئة الوطنية للاعلام الجنوبي بمزاولة نشاطه الصحفي والإعلامي .ويعتزم الشاب مازن في المستقبل القريب على إعداد برنامج تلفزيوني خاص بالمكفوفين يتناول فيه ما يتعلق بالمكفوفين واندماجهم بالمجتمع .
الشاب مازن يحب الترحال والتعرف على الثقافات المتعددة التي تساعده في تنمية معلوماته ومداركه وثقافته فالشاب الكفيف مازن رغم صغر سنه إلا أنه استطاع أن يشق طريقه بمثابرته المستمرة واطلاعه على الثقافات المختلفة وأصبح محاورا ومحاضر لبقا ومتميزا في نقاشاته مع الآخرين .
رسالة الشاب الكفيف مازن لزملاءه المكفوفين بأن لا يجعلوا حياتهم تتوقف عند فقدانهم البصر بل عليهم الايمان بالله وقدره ويتحلون بالثقة ويسعون إلى إبراز مواهبهم المتعددة وطاقتهم وتفاعلهم مع محيطهم كي يصبحوا أناس فاعلين ومؤثرين بالمجتمع.