ماذا يعني تعثر صرف رواتب موظفي القطاع الحكومي والمؤسسات الإعلامية الجنوبية؟
النقابي الجنوبي/خاص
يعاني موظفي الدولة استجداء صرف رواتبهم الذي في الأصل هو استحقاق قانوني وإنساني نصت عليه المواد الدستورية والقانونية المحلية والدولية ويعد تجاوزه بحرمان الآلاف من موظفي الدولة المدنيين والعسكريين والأمنيين والمبعدين قسرا هو مخالفة دستورية وترحيل المشكلات إلى المستقبل.
وتعي قيادة مجلس الرئاسة والحكومة أن موظفي الدولة يعيلون أسراً ويعيشون أوضاعاً صعبة وحياة مأساوية تفتقد أبسط حقوقها القانونية والدستورية المتمثل في الراتب الشهري الذي يعتمد عليه ولا تفي الحكومة بإلتزاماتها اتجاهه مما يفضي عرقلة ذلك إلى إعادة إنتاج الأزمات الاقتصادية والمعيشية كالأزمة التي تسبب بها تسريح عشرات الآلاف من العسكريين والأمنيين في أعقاب حرب صيف 94 وقطع مرتباتهم.
أصبح الموظف ضحية عبث وزارة المالية والبنك المركزي بعدن بذريعة انتظار إطلاق التعزيزات المالية حيث صار مصدر راتب الموظف يعتمد على الهبات والمساعدات الخارجية ودعم الوديعة السعودية الإماراتية رغم إطلاق السعودية الدفعة الثانية من منحة دعم الموازنة العامة للدولة والبالغة (250 مليون دولار أمريكي) وتحويلها إلى البنك المركزي في العاصمة عدن بعد سحب إيرادات الدولة ونهب ثروات البلاد المعدنية من نفط وغاز ومنتجات بحرية سمكية وزراعية وحيوانية وإيرادات الموانئ الاقتصادية ولم تصرف رواتب موظفي الدولة.
وتمارس وزارة المالية قواعد اللعبة الإدارية والمالية في مغالطة صريحة بإعلانها إطلاق التعزيزات المالية لمرتبات بعض مرافق الدولة وارسالها إلى البنك المركزي في العاصمة عدن محملة الأخير مسؤولية تأخر صرفها في وقت تنعدم فيه السيولة في البنك المركزي رغم ولوج المنحة السعودية إليه إلا أن تعزيز رواتب الرئاسة والوزراء والوكلاء والسفراء والدبلوماسيين وموظفيهم خارج البلاد بالعملة الصعبة أتى على حساب معظم المرافق خاصة المؤسسات الإعلامية بالعاصمة عدن التي لم تطلق تعزيزاتها وظل موظفوها يلجون الشهر الثالث على التوالي يناير – فبراير – مارس دون رواتب بينما من تم جلبهم من سوق العمل المفتوح في الرياض للعمل بالمؤسسات الإعلامية خارج البلد ممن ليس لهم علاقة بالإعلام رواتبهم سارية المفعول تصرف شهريا بالعملة الأجنبية.
زيارات رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين التفقدية الأخيرة إلى بعض أجهزة الدولة يجب أن تصاحبها خطوات عملية على الأرض ويجب أن تبدأ المساءلة والمحاسبة في أعلى هرم السلطة دون استثناء فمن المعيب والمضحك المبكي أن ينشغل من يتحمل مسؤولية الإعلام والمؤسسات الإعلامية بمجادلة مليشيات الحوثي على حساب الألآف من موظفي الإعلام الرسمي الذين دخلوا في شهرهم الثالث منذُ بداية العام دون رواتب بينما رواتبهم خارج البلد ومعاشاتهم بالدولار والريال السعودي يتقاضوها أولا بأول.
لايزال تدهور الأوضاع يتصاعد رغم قرار إقالة رئيس الحكومة معين عبدالملك سعيد الجحش والذي جرى تعيينه منتصف أكتوبر 2018م رئيسا للوزراء وتعيين احمد عوض بن مبارك الاثنين (5 فبراير) خلفا له بعد تدخل التحالف والولايات المتحدة لترجيح كفة الاخير من بين 3 مرشحين.
وكعادة تشكيل أي حكومة تسبقها هالة إعلامية تروج لها وتهيئ الطبخة والتي يتماشى مع ما ذكره مسؤولون عن مصدر قوة رئيس مجلس الوزراء الجديد الدكتور احمد عوض بن مبارك وأكدوا أن “اداء الحكومة سيكون مختلفا كليا وهناك تغيير شامل وانفراج كبير سيشهده الجميع خلال الايام المقبلة” مشيرين إلى “دعم دولي يتجاوز التحالف العربي” والذي يتنافى مع ما يشهده الواقع على الأرض.
وما يثير الاشمئزاز هو ما أقدم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي من تحصين رئيس الوزراء المُقال معين عبدالملك من المساءلة والملاحقة القانونية بإصدار قرار يشمله بحصانة القانون رقم (6) لسنة 1995م بشأن إجراءات إتهام ومحاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العُليا في الدولة كما ساقت مكونات سياسية وقيادات في الدولة اتهامات لمعين عبدالملك بالخيانة العظمى والتورط بتمرير صفقات فساد كبرى تمس بالسيادة والامن القومي والاقتصاد الوطني.
ويشهد الشارع العام في العاصمة عدن والمحافظات المحررة حالة احتقان متصاعد وسخط شعبي متأجج وتصاعد غلاء المعيشة الفاحش وتدهور الاوضاع العامة وتدهور قيمة العملة وارتفاع اسعار السلع الغذائية والمشتقات النفطية.
تسبب استمرار انهيار قيمة العملة الوطنية إلى أسوء منحنياتها متجاوزة 1660 ريالا للدولار و440 ريالا للريال السعودي وسريان قرار الحكومة رفع سعر صرف الدولار الجمركي 150% في ارتفاع اسعار السلع الغذائية ومواد التموين بنسبة تتجاوز 350%.
ويرجع مراقبون تفاقم التدهور العام للاوضاع في العاصمة عدن والمحافظات الجنوبية إلى اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة وبوادر أزمة عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفي الدولة بعد تأخر صرف رواتب المؤسسات الإعلامية والمعلمين والعسكريين.
وفي سقطة سافرة أقدم عليها البنك المركزي بعدن بإقتصاص مبلغ مائة وخمسين مليون دولار من الوديعة المقدمة من الاشقاء وضخها في السوق عبر البيع للبنوك والتي تستفيد منها البنوك الواقعة تحت سيطرة الحوثيين بالعاصمة اليمنية صنعاء والتي لاتخضع كليا لرقابة البنك المركزي في العاصمة عدن٠
ومبلغ كبير بهذا الحجم يتم التصرف به في وقت قياسي قصير تعتبر سابقة لم تحدث من قبل٠
فعملية كهذه مطلوب تفسير عاجل من قيادة البنك المركزي لما حدث بل ان مسآءلتها اصبحت واجبة على هذا الاستنزاف لاحتياطياتنا من النقد الاجنبي دون أن يتحقق أي تحسن في سعر الصرف٠
وكان الإتحاد العام لنقابات عمال الجنوب اصدر خلال مؤتمر صحفي بيانا شديد اللهجة دعا فيه إلى تصعيد عمالي هدد خلاله بمقاضاة الحكومة على جرائمها بحق الموظفين وتعطيل الأحكام القضائية التي أصدرتها المحكمة الإدارية لصالح العمال والموظفين في السلك المدني