اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
تحقيقات

من هي الجهات ذات النفوذ في الدولة المستفيدة من وراء تدهور سعر الصرف؟

يشهد البلد انهيارا اقتصاديا غير مسبوق في شتىء مجالات الحياة ويظل الشعب مغلوب على أمره يحيى مرحلة قهر الرجال في مواجهة ما وصل إليه الحال من صعوبة الحصول على أبسط مقومات الحياة ومقارعة تفشي الغلاء وتدهور سعر العملة المحلية وارتفاع الأسعار في كل شيء في الغذاء والشراب والدواء والملبس والسكن والبناء والتعليم.

فالمواطن يعيش يومه تحت ظل ارتفاع مخيف في أسعار المنتجات الغذائية الضرورية في سوق الجملة والتجزئة وفارق السعر الكبير بين يوم وآخر يستغله جشع التجار والشركات المنتجة الكبرى في عدن ومنها مجموعة شركات هائل سعيد انعم ووكالة شهاب للمنتجات.

أظهرت الشواهد ووقائع الأحداث أن مؤسستي الرئاسة والحكومة بلغ الحال بهما وكأنهما يقودان مشروع تجويع الشعب في العاصمة عدن والمحافظات الجنوبية ويدفع فاتورته المواطن من صحته وحياته وصحة وحياة أولاده وأسرته بينما قيادات الشرعية من أعلى هرم السلطة في الرئاسة والحكومة بكامل وزراءها ووكلاءها ومستشاريها والمرفهين منهم دون عمل في أسقاع البلدان وأعضاء مجلسي النواب والشورى المغيبين يعيشون ترفا مبتذلا ورغدا مقرفا ونعيما مبغضا يستلمون شهريا بانتظام مبالغ ضخمة بالعملة الصعبة فيما هم يقيمون خارج الوطن.

أصبح الشعب ضحية يكابد أعباء وأخطاء قيادة الدولة في الرئاسة والحكومة اللتان تبحثان عن مصالحهما وتأمين مخصصات لأسرهما وأقرباءهما على حسابه وتفرض عليه وضعا اقتصاديا صعبا يتجرع خلاله الويلات ويذوق الألم والمعاناة ما ينذر بكارثة انسانية وشيكة تصل حد المجاعة لا يمكن تجاهلها والسكوت عنها خاصة مع استمرار انهيار سعر صرف العملة المحلية والوصول بها إلى أدنى مستوياتها ولايكفي أن نطلق عليها مجرد كارثة اقتصادية بينما هي مأساة إنسانية تتطلب تدخلات عاجلة لحلها.

قضية انهيار سعر صرف العملة هي احد عوامل الصراع مع مليشيات الحوثي وأحد أهم محاور الحرب ضدها فتأخذ شكل الصراع الاقتصادي المدمر الذي يقضي على مقومات الدولة.

فانهيار سعر الصرف لا ينحصر في أشخاص بعينهم بل في منظومة كاملة تفتقر الرؤية الحقيقية لخدمة الوطن والمواطن بن مبارك لم ولن يأتِي بحلول سحرية للأزمات التي أرهقت البلاد بل كانت حكومته امتداد لحكومات سابقة لم تفلح سوى في تعميق الجراح وما زاد الأمر سوءً هو الاستمرار في سياسات التلاعب بالموارد ونهب الثروات العامة في وقت كان الشعب يتطلع فيه إلى أي بصيص أمل للخروج من أزماته المتفاقمة.

في ظل وضع كهذا اشكالية تضع نفسها في خضم ذلك من هي الجهة المستفيدة من عقاب الشعب وتتلذذ بتعذيبه؟

من يقف خلف العبث باقتصاد البلد لنحو عشر سنوات وما الرسالة المراد إيصالها من خلال ذلك؟

طبيعة الدور الذي يمارسه البنك المركزي في الحفاظ على استقرار العملة المحلية وما هي أسباب إخفاقه؟

من المعلوم أن انعدام إيرادات المشتقات النفطية بفعل إيقاف تصدير النفط تتعثر بموجبه مصالح الكبار من أصحاب النفوذ أكثر تضررا من المواطن البسيط وبالتالي يبقى الاعتماد في صرف رواتب الهوامير خارج البلد ورواتب موظفي الدولة في الداخل ذوي الدخل المحدود يعتمد بدرجة رئيسية على المنحة السعودية المقدمة من المملكة العربية السعودية بالدولار.

على إثر ذلك في سبيل تحقيق مصالح ورغبات ذوي النفوذ في قرصنة أموال الدولة والسطو على الدعم المقدم كمنحة سعودية وتعطيل عمل البنك المركزي وإغراق السوق المحلي بالأزمات الاقتصادية الحادة والمتلاحقة يحدث عبر اختلاق أزمة ارتفاع سعر الصرف حتى تضخ أقل قدر – بمعنى مبالغ ضئيلة – من العملة الصعبة رواتب للموظفين في الداخل الذي يتطلب بدوره كمية كبيرة من العملة المحلية مقابل قرصنة المنحة السعودية لصالحها والعجز في توفير العملة المحلية المتدهورة وعجز البنك المركزي في الإيفاء بالتزاماته بتوفير السيولة النقدية نتيجة ارتفاع سعر الصرف وبالتالي تعثر صرف رواتب الموظفين.

يمر البنك المركزي بجملة من العقبات تسهم في مسار انهيار العملة المحلية وتجعله على حافة الافلاس على رأسها تولي زمامه قيادات تكرس ولاءها المطلق خدمة لمليشيا الحوثي وتنفذ أجندته كما يدخل على المسار رفض السعودية إرسال الوديعة لدعم البنك المركزي لاستقرار قيمه العملة الامر الذي استدعى البنك لعمل مزاد بيع عملة الدولار (مناقصة) كأخر إجراء انقاذ ينفذه البنك كما تدعو الحاجة إلى تحركات لطلب مساعدات دولية كذلك اضطرار البنك إلى انزال الفئات النقدية الصغيره لتغطية الالتزامات والمرتبات لعدم قدرته توفير السيولة المالية وهذا بدء التعامل به بحضرموت ويظل الأهم في سبب هذه الازمة عدم توريد ايرادات البلاد إلى البنك المركزي كعائدات المشتقات النفطية والموانئ والضرائب والرسوم وغيرها من الايرادات التي تذهب إلى حسابات خاصة إضافة إلى ذلك عمليات النهب التي يمارسها المسؤولون في قيادتي الرئاسة والحكومة وطواقمهما من موازنة الدولة تحت مسميات كاذبة رواتب بالعملة الصعبة ونثريات ومشتريات وسفريات وغيرها من المسميات لوظائف وهمية لأشخاص في الخارج.

الهجوم الممعن ضد رئيس الوزراء بن مبارك يأخذ طابعه اتجاهين هناك من ادعى أنه تبنى سياسات تمييزية بين الوزارات بناءً على الولاءات الشخصية له بدلاً من الكفاءة بغرض زيادة التوترات والانقسامات وهذا طبيعي مع كل رؤوساء الحكومات على مدى العشر السنوات مع أنه لم يظهر مع بن مبارك كونه لم يمر على ترأسه الحكومة أكثر من عام بينما يتجه تحليل الطرف الآخر في أن تلك الهجمة جاءت انعكاسات ارتدادية لقرارات رئيس الوزراء بإيقاف مرتبات الوكلاء ومستشاري الوزارات بالعملة الصعبة الغير فاعلين خارج البلد مدة ثلاثة أشهر حتى مورست الضغوطات لإعادتها وكل يسعى خلف مصالحه.

هناك من يرى أن جزء من المشكلة إدارية وآلية أكثر مما هي تتعلق بالفساد كون الحكومة لم تعرف حجم الكتلة النقدية لديها في السوق لتستطيع عمل مقارنة بين العرض والطلب لقياس الفارق في أسعار الصرف والمواد الغذائية كما يرى أن هناك إهمال من وزارة الصناعة والتجارة لعدم قدرتها على تحديد قيمة السلع الأساسية من بلد المنشأ مع فارق الضرائب والجمارك والنقل والارباح المحددة للتجار ومقارنتها بسعر المواد في السوق لكي تستطيع وزارة الصناعة والتجارة تحديد أسعار المواد الغذائية وإلزام تجار الجملة والتجزئة بالاسعار ووضع لوائح بذلك وإعلانها في كل الوسائل الإعلامية.

فيما يتعلق بأسعار صرف العملات هو السيطرة على السوق والتحكم بالكتلة النقدية في المناطق المحررة وفرض رقابة صارمة على المضاربين وتشديد الرقابة والإجراءات الأمنية على منافذ وطرق تهريب العملة إلى مناطق الحوثيين ومن ثم تستطيع السلطة الشرعية أن تعرف حجم الكتلة النقدية لديها مما يجعلها قادرة على التحكم بسعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.

عقب ذلك يأتي محاربة الفساد من خلال تحديد أوجه الاتفاق وفق ما لدى الحكومة من الكتلة النقدية التي على ضوءها تستطيع عمل برنامجها غير ذلك ستظل المشكلة قائمة طالما لم تستطع الحكومة السيطرة والتحكم بالكتلة النقدية
والدليل أن البنك المركزي انزل مزادا منتصف الشهر الماضي ولم يلق اقبالا سوى 50% أي أن السيولة أو العملة المحلية غير موجودة.

إلى ذلك كشف الكاتب والصحفي الجنوبي خالد سلمان جزءً يسيرا من فساد الشرعية في فنادق الخارج الذي ينعكس على تدهور العملة في البلد بقوله “ثلاثون ألف ريال سعودي راتبه الشهري غير النثريات وتسعون مليون مخصص المحافظة بيده وفندق إقامة ملايين تصرف لمحافظ بلا قطعة أرض واحدة محررة، ولا دعم لمقاومة ولا مد يد العون لأسرة مختطف أو إعالة أطفال قتيل أو سجين.

وأضاف “الأرقام أعلاه لمحافظ إب المعين من قبل الشرعية، كنموذج لحالة عامة تنخر الجهاز التنفيذي الرسمي، وترمي بكتلة من ظلال الإحباط على المزاج السياسي المعنوي العام تضعف الرهان على موضوعة التحرير بأيدي الفساد وتفرض المقارنات بين الحوثي الباسط على الأرض بقوة السلاح
وشكيمة العدوان، والشرعية الممعنة في حالة الإسترخاء والخطابات غير قابلة للتسويق، لخلوها من المصداقية والفاعلية خلف خطوط الحوثي ورداءة الإختيار”.

وتابع في مقاله يصف حالة الشرعي المزهوة بنفسها “إب ليست استثناء هي واحدة من محافظات غير محررة تُنهب بإسمها المال العام دون أن تحمل لا مشروع تحرير ولا دعم مقاومة ولا تحريك الشارع المثخن بفاسدين: أحدهما الحوثي بسفك دم المواطن، والآخر الشرعي الذي لا يعنيه هذا المواطن”.

واختتم بالقول “يجب إسقاط السرية عن موازنة مسميات كرتونية زائفة للمقاومة، وربط مخصصات المحافظين بأداء حقيقي مقاوم في عمق مناطق سيطرت الحوثي، لا كأرقام خارج المساءلة ومليارات فلكية على الورق تذهب للحسابات المشبوهة الخاصة. نعم نحتاج لمقاومة حقيقية على الأرض، ولكننا لانحتاج للصوص باسمها”.

كل المؤشرات تؤكد حتما أن شرعية بهذا اللباس وذاك التقمص وحالات البذخ والاسترخاء الذي تستجم به لا يمكن أن تواجه كل التحديات والمخاطر التي تتربص بالشعب ولا يمكن الوثوق بها في التصدي لمليشيات الإنقلاب الحوثية أو يرجى منها استعادة الدولة ومؤسساتها فيما لم تستطع تحقيق إنجاز واحد على الأراضي المحررة على أقل تقدير استقرار العملة المحلية والتصدي لحالة انهيارها ومعالجة الأوضاع الإقتصادية ومحاربة الفساد بكل أشكاله بما في ذلك العقود والتعيينات غير القانونية.

القلق يتزايد بشأن الأثار الاقتصادية التي قد تطال المواطنين وتجاوز أسعار الصرف حاجزا مقلقا حيث تجاوز قيمة الريال في عدن والمحافظات الجنوبية 2000 ريال مقابل الدولار الأمريكي وأكثر من 525 ريال مقابل الريال السعودي ما يوحي بمؤشر خطير على الوضع الاقتصادي الهش في ظل الإنهيار الحاد للعملة المحلية.

حملة إعلامية شرسة استمرت لأشهر شنها اعلاميون ونشطاء ينتمون لخلية رئيس مجلس القيادة د. رشاد العليمي بهدف الإطاحة برئيس مجلس الوزراء د. أحمد عوض بن مبارك وإزاحته من رئاسة الحكومة بدعوى سياسات الأخير المالية وإدارته التي وصفوها بالفاشلة.

وأظهرت حيثيات الصراع أن خلافات سابقة بين مؤسستي الرئاسة والحكومة نجمت نتيجة تدخل الرئيس العليمي ودول إقليمية بفرض الوزراء في الحكومة وطاقم مكتب رئيس الوزراء والأمانة العامة للمجلس إضافة إلى مطالبته بإقرار موازنة الدولة في ظل عدم انعقاد مجلس النواب وكل قيادات الدولة مقيمون في الخارج.

وأفصحت معلومات أن لقاء د. رشاد العليمي بن مبارك في العاصمة عدن خرج بتفاهم على تعديل وزاري مرتقب مع بقاء احتمالية الإطاحة برئيس الحكومة لافتة إلى احتفاظ وزراء مدعومين من الرئاسة وجهات إقليمية بحقائبهم في التعديل الوزاري المرتقب إن تم.

في ضوء ذلك يتساءل مدير تحرير صحيفة 14 اكتوبر السابق نجيب صديق “هل رئيس الحكومة هو الضحية القادمة؟… والعليمي هو الجلاد… فساد بعض أعضاء الحكومة يزكم الانوف.. ووزراء ومسؤولين عفى عنهم الزمن”.

وأضاف صديق “فرئيس الحكومة مقيد الصلاحيات.. لم يختر أعضاء حكومته.. ولا حتى موظفي مكتبه… أنه أشبه بسيزييف.. يحمل الصخرة إلى الاعلى تم تعود به إلى الأدنى.. وهكذا يحاول أن يصل بها إلى القمة”.

وتابع بقوله “التداعيات تتسع.. والمؤشرات الاقتصادية تتجه نحو الهاوية… الكارثة على ملمح.. نحن قادمين على أوضاع معيشية لاتستطيع هذه الحكومة بعناصرها الحاليين من معالجة القضايا الاقتصادية والإنسانية.. ولا يستطيع مجلس الرئاسة والحكومة معا السيطرة على الأوضاع الراهنة”.

يتحدثون عن تجاهل الأحزاب السياسية والمكونات المشاركة في الحكومة فشل رئيس الوزارء في الإدارة وانشغاله بتحقيق مصالحه الخاصة واستمرار غياب الشفافية والمساءلة وعدم التركيز على المكاسب السياسية والاقتصادية والمصالح العليا للبلاد بينما هم جزء من الحكومة والهيكل العام للدولة والفشل يعمهم والأولى أن تشملهم المساءلة القانونية بإسهامهم في قتل المواطن ونهب خيرات البلد وقد تجاوزوا كسب ثقة الشارع.

الوضع الاقتصادي الراهن والاجراءات المطلوبة للسيطرة على التضخم، وعجز الموازنة العامة، والتقلبات السعرية في اسواق الصرف والسلع والخدمات الاساسية والإحاطة بالمؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية والمتغيرات الاخيرة في وضع العملة الوطنية على ضوء استمرار توقف الصادرات النفطية وارتفاع اسعار الشحن البحري وتداعياتها الكارثية على الاوضاع المعيشية واستعراض السيناريوهات الاقتصادية الإنسانية القائمة والمحتملة والسياسات والتدابير اللازمة لإنهاء التشوهات النقدية وضبط اسعار الصرف والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والخدمي والسلعي ووضع خطة الانقاذ الاقتصادي واتخاذ الاجراءات والتدابير لتعزيز السياسة النقدية هي مسكنات لذر الرماد وفقاعات لا تتجاوز قاعات الاجتماع.

صارت عملية تشكيل اللجان لادارة ملف خدمي معين مدعاة لحدوث المخاوف من ازدياد تدهور الوضع.. فتشكيل لجنة اقتصادية تدهور على إثرها الوضع الاقتصادي وتشكيل لجنة مكافحة التهريب ازدادت عقبها عمليات التهريب ثم جاءت فكرة تشكيل لجنة الوقود التي ارتفع بعدها سعر الوقود.

وفي الأخير تم تشكيل لجنة الخدمات التي قضت على مستوى الخدمات في مجالات التعليم والكهرباء والمياه والمجاري وكذا الخدمات الصحية والمنتجات الزراعية والعملة المحلية فأنهت كل أمل يرجى.

ينتظر المواطن من قيادة مؤسستي الرئاسة والحكومة الابتعاد عن مماحكاتهما الصبيانية والنأي بمصالحهما الخاصة جانبا والالتفات إلى الأولويات الماثلة أمامهما في انتشال البلد من الوضع المأساوي الراهن وإيجاد المعالجات العملية لتدهور العملة المحلية والتحرك السريع لرفع معاناة الشعب وتخفيف أعباء ثقل الحياة المعيشية التي يتكبدها المواطن جراء الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار ومواجهة فعلية ضد العدو في الميدان.

على مدار العشر السنوات الماضية أثبتت قيادات الشرعية أنها عالة على الشعب والوطن لم يكونوا يوما رجال دولة أو قادة حروب في الميدان يستشهد لهم بتحرير الأرض واستعادة دولتهم ولا كانوا رجال اقتصاد يعتمد عليهم البلد في إدارة الأزمات الاقتصادية ولا حتى صاروا رجال مواقف يتركوا بصمة شهامة يخلدها التاريخ للأجيال من بعدهم بل أكدوا بحق بما لا يدع مجالا للشك أنهم قيادات نهب وفيد واعاشات
وفنادق ومحاصصات.

زر الذهاب إلى الأعلى