اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

تفتيش أجساد الخريجات وتبرئة مغتصبي الأطفال.. هل هناك حدود لانحدار الحوثيين؟

 

 

النقابي الجنوبي/تقرير/خاص

 

 

في مشهد يعكس حجم الانحدار الحقوقي والتسلط القيمي الذي تمارسه مليشيات الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تفجّرت حالة من الغضب الشعبي إثر تقارير وشهادات أفادت بقيام عناصر حوثية تنتمي إلى محافظة صعدة، بتفتيش ملابس خريجات في محافظة إب، والتمادي في ذلك إلى حد الطلب منهن رفع أرجلهن للتحقق من ارتفاع الكعب أو لون البشرة ودرجة نعومتها.

 

بحسب إفادات متداولة لعدد من الطلبة، فقد شهدت إحدى ساحات التخرج في إب، يوم الخميس 10 يوليو 2025، تصرفات وُصفت بـ”الهمجية والمهينة” طالت الخريجات بشكل مباشر، حيث عمد أفراد تابعون للمليشيات إلى فحص مظاهر اللباس بدعوى مخالفتها لـ”الضوابط الشرعية”، دون أي سند قانوني أو إذن رسمي، وبعيدًا عن أي حضور نسائي أمني مختص، مما أثار حالة من الهلع والاستياء في أوساط الطالبات وأهاليهن على حد سواء.

 

 

من التفتيش إلى تبرئة المغتصب: تناقض العدالة الحوثية

 

 

وفي الوقت ذاته، تناقلت وسائل إعلام محلية معلومات صادمة عن إصدار حكم بتبرئة مغتصب الطفلة “جنات السياغي” بصنعاء، مقابل دفع “دية” تقدر بستة ملايين ريال، جرى توزيعها بين أسرة الضحية تحت ما سمّوه “دية الشرف”.

 

القرار، الذي اعتُبر بمثابة إهانة مزدوجة للضحية وللعدالة، يعكس حجم التناقض بين تسلّط الجماعة على مظهر المرأة في الفضاء العام، وتهاونها – إن لم يكن تواطؤها – مع مرتكبي جرائم اغتصاب الأطفال، ما يفتح الباب أمام تساؤلات ملحّة حول طبيعة النظام القضائي الذي تفرضه المليشيات الحوثية، ومدى توافقه مع أبسط مبادئ القانون والإنصاف.

 

 

منظومة استعباد لا ضوابط قانونية

 

 

ما يجمع بين الحادثتين هو غياب القانون وتحكّم الهوى العقائدي والأمني في إدارة شؤون المواطنين. فبينما يتم انتهاك أجساد الخريجات تحت ذريعة “حماية الفضيلة”، يُمنح مغتصب الطفلة جنات فرصة الإفلات من العقاب مقابل المال، في ما يبدو وكأنه تقنين للانتهاك إذا ما توفرت “الدية”.

 

مثل هذه الممارسات تندرج ضمن سياسة ممنهجة تُمارسها المليشيات لتكريس سلطة ذكورية قمعية، تضع النساء والفتيات تحت رقابة مباشرة وغير مشروعة، وتؤطر الجريمة في سياق “صلح قبلي” يخدم بقاء المليشيات، لا حماية الضحايا.

 

 

أسئلة للعدالة المؤجلة

 

 

من الذي خوّل عناصر حوثية بتفتيش النساء دون إذن قانوني أو إشراف قضائي؟

 

ما الأسس التي استند إليها القضاء الحوثي في تبرئة مغتصب طفلة؟

 

كيف يمكن تبرير هذه الانتهاكات أمام القوانين المحلية والدولية لحقوق الإنسان؟

 

وهل ثمة من يجرؤ على محاسبة المنظومة الحوثية على هذه الجرائم؟

 

كيف تُبرر المليشيات التناقض بين التشدد في المظهر واللين أمام الجريمة؟

 

وإلى متى ستظل المناطق الواقعة تحت سيطرتهم ساحة مفتوحة للتعدي على كرامة الإنسان دون رادع؟

 

 

نظام يكرّس الاستعباد

 

 

في مناطق الحوثيين، لم تعد النساء والفتيات في مأمن لا من عناصر الأمن ولا من قضائهم. فالدولة غائبة، والقانون مغيّب، والكرامة مُستباحة. وما حدث في إب مع الخريجات، وما جرى في صنعاء للطفلة جنات، ليسا إلا دليلين صارخين على ما يمكن وصفه بـ”الاستعباد الجديد”، حيث ينهار كل معيار للعدالة، وتُستبدل كرامة الإنسان بمزاج العقيدة، والحق بسطوة السلاح.

زر الذهاب إلى الأعلى