إرشادات طبية جديدة لتعديل جرعات المضادات الحيوية لدى المصابين بالسمنة

النقابي الجنوبي/خاص
دراسة دولية تحذر من تراجع فعالية العلاج الدوائي بسبب تغيرات الوزن الجسماني
في تطور علمي يسلط الضوء على تفاعل معقد بين أمراض العصر الحديث، كشف فريق دولي من الباحثين الطبيين عن أن السمنة تُحدث تأثيراً مباشراً على امتصاص وفعالية وإخراج المضادات الحيوية من الجسم، ما يهدد بكفاءة العلاج أو يزيد من مخاطره. ورغم أن هذه الأدوية تُستخدم منذ أكثر من 80 عاماً، فإن هذه هي المرة الأولى التي تُطرح فيها إرشادات توافقية موجهة خصيصاً للمرضى من ذوي الكتل الدهنية المرتفعة.
ويحذر الباحثون من أن الجرعات العلاجية المعتادة التي تُعتمد للمرضى ذوي الوزن الطبيعي قد لا تكون فعالة لدى مرضى السمنة، بل قد تؤدي إلى الإفراط في الجرعة أو إلى انخفاض مستوى الدواء عن المطلوب، ما يهدد بفشل العلاج أو بزيادة مقاومة الجراثيم للأدوية.
وتأتي هذه النتائج في وقت تواجه فيه البشرية أزمتين صحيتين متداخلتين: ارتفاع معدلات السمنة بشكل غير مسبوق، وتنامي خطر مقاومة المضادات الحيوية. فوفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية لعام 2022، فإن 43% من البالغين حول العالم يعانون من زيادة الوزن، ونحو 16% يعانون من السمنة، ما يعزز الحاجة إلى تدخلات علاجية مخصصة.
وأوضحت الدكتورة آن-غريت مارتسون، الباحثة الرئيسية من جامعة لايدن الهولندية، أن السمنة تُحدث تغيرات فسيولوجية جوهرية في جسم الإنسان، مثل تغير تركيبة الجسم واختلال وظائف الأعضاء، مما يؤثر في كيفية امتصاص الجسم للمضاد الحيوي وتوزيعه واستقلابه وإخراجه، ويؤدي إلى تباين تركيز الدواء بين الأفراد.
وأضافت مارتسون أن الدراسة فحصت تأثير السمنة على فئات متعددة من المضادات الحيوية، من بينها “بيتا لاكتامز”، و”أمينوغليكوزيدات”، و”غليكوببتيدات”، و”كوينولونات”، وغيرها. وقد تبين أن بعض هذه الأدوية يتأثر بشكل واضح بزيادة الوزن، بينما يظل تأثير السمنة طفيفاً على فئات أخرى.
وأشارت الدراسة إلى أن مضادات “أمينوغليكوزيدات” و”غليكوببتيدات” تتأثر بوضوح بالحركية الدوائية لدى المصابين بالسمنة، ما يستوجب تعديل الجرعات حسب الوزن الفعلي للمريض. بالمقابل، فإن التغيرات في حركية مضادات “بيتا لاكتامز” لا تتطلب عادة تعديلات روتينية في الجرعة.
ويهدف هذا البحث إلى توجيه الأطباء نحو وصف أكثر دقة للمضادات الحيوية في ظل التغيرات الديموغرافية والصحية العالمية، حيث باتت السمنة تشكل تحدياً علاجياً حقيقياً في مختلف التخصصات الطبية.
في السياق ذاته، تشدد منظمة الصحة العالمية منذ سنوات على ضرورة الاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية، نظراً لزيادة خطر مقاومة البكتيريا لها، ما يجعل من الضروري توظيف كل الوسائل العلمية الممكنة لضمان فعالية هذه الأدوية لأطول فترة ممكنة.
ومع تنامي معدلات السمنة، تصبح هذه التوصيات الطبية خطوة ضرورية في سبيل تجنب الفشل العلاجي، وتقليل نسب الوفيات المرتبطة بالعدوى، وضمان أن تبقى المضادات الحيوية سلاحاً فعالاً في ترسانة الطب الحديث.