قانون براءة الذمة المالية: سلاح الشعب لمحاربة الفساد

كتب/ جلال باشافعي
يُعدّ قانون براءة الذمة المالية من أقوى الأدوات القانونية والإدارية التي تساهم في ضمان الشفافية والنزاهة في أداء المسؤولين الحكوميين، وهو مطبق في العديد من الدول التي تسعى لمكافحة الفساد المالي والإداري. هذا القانون ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو ضمانة حقيقية لمساءلة المسؤولين وكشف أي تجاوزات أو استغلال للمناصب.
كيف يعمل هذا القانون؟
عند تولي المسؤول منصبه، يُلزم بتقديم تقرير مفصل إلى الجهات المختصة مثل البنك المركزي وأجهزة الرقابة والمحاسبة، يشمل ممتلكاته (منازل، أراضٍ، شركات، أرصدة بنكية) ودخله الرسمي (الراتب، البدلات، المستحقات). يتم الاحتفاظ بهذا التقرير للمراجعة الدورية، حيث تُراقب الجهات المختصة كل تفاصيل النفقات والممتلكات الجديدة، وتُقارن مع الدخل الرسمي للمسؤول خلال فترة عمله.
إذا كانت ثروته ونفقاته متوافقة مع دخله، يستمر في منصبه دون تدخل. أما إذا ظهرت زيادات غير مبررة في ثروته أو نفقاته، يتم استدعاؤه للتحقيق وسؤاله عن مصدر الأموال، وإذا لم يستطع تقديم أدلة واضحة، يُحاسب قانونيًا.
أهمية هذا القانون
يُحارب الرشوة والاختلاس.
يمنع المسؤولين من استغلال مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية.
يُعزز ثقة المواطنين في الدولة ويُظهر التزامها بالشفافية.
يُسهم في بناء مجتمع عادل يُحكم بالقانون لا بالمصالح الشخصية.
لماذا لا يُطبق في بعض الدول؟
رغم أهمية هذا القانون، إلا أن بعض الدول تتجاهله عن قصد أو نتيجة ضعف المؤسسات. قد يكون غياب الإرادة السياسية أحد الأسباب الرئيسية، حيث تفتقر بعض الجهات في الحكومة إلى العزم الكافي لتطبيق هذا القانون، خوفًا من تعرض المسؤولين الحاليين للمسائلة عن مصادر ثرواتهم. كما أن الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد جراء الحروب والصراعات قد يُستخدم كذريعة لتبرير عدم تطبيقه.
إضافة إلى ذلك، قد تكون هناك مصالح شخصية أو سياسية تدفع البعض إلى إتاحة الفرصة للمسؤولين للاستفادة من مناصبهم بشكل غير قانوني، مما يعزز شبكات الولاء المبنيّة على الفساد.
رسالة إلى حكومة ماتسمى الشرعية
إن عدم تطبيق هذا القانون في حكومة الشرعية يعكس تحديًا كبيرًا يواجه البلاد في ظل الأوضاع الراهنة. يجب أن تكون إرادة الحكومة حاسمة في تطبيق قانون براءة الذمة المالية؛ فهو ليس مجرد أداة قانونية، بل هو التزام تجاه الشعب والمستقبل. إن تجاهل هذا القانون يعني منح الضوء الأخضر للفساد واستنزاف ثروات الدولة، ويزيد من معاناة الشعب ويفقده الثقة في مؤسسات الدولة.
إذا كانت حكومة الشرعية تسعى فعلاً لبناء دولة قوية ومستقرة، يجب أن يكون هذا القانون جزءًا أساسيًا من جهودها لتحقيق العدالة والنزاهة واستعادة ثقة المواطن في حكومته.
جلال باشافعي
الاتحاد العام لنقابات الجنوبيه